عادات اندثرت وتقاليد تلاشت فى أحزان وجنائز الصعيد
يشتهر الصعيد بالعديد من العادات والتقاليد، تميزهم عن غيرهم، من بين محافظات الجمهورية، ومن بين هذه العادات، نبرز عادات وطقوس الأحزان التي يقوم بها الأهالي في محافظة الأقصر، حين وفاة أحد الأشخاص بمحافظات الصعيد، وخاصة الأقصر، وبمرور الزمن بدأت في التغير والاندثار.
مراسم تشييع الجنائز في الصعيد
بداية يقول «محمد رجب»، أحد الأهالي محافظة الأقصر، لـ«النبأ الوطني» بعد وفاة الشخص يوضع الرجل عادة بكفن واحد بينما توضع المرأة المتزوجة بكفنين اثنين على الأقل لونهما أبيض أحدهما من منزل زوجها والآخر من أهلها، ولو كانت غير متزوجة فتوضع داخل كفن أو أكثر لونه أحمر أو أخضر وفقا لمقدرة أهلها.
ويضيف «جب»، تختار المرأة المتزوجة في وصيتها بأي مدافن ترغب أن يواريها الثرى أي في مدافن أهل زوجها أم في مدافن أهلها، أما إذا لم توضح خيارها بالوصية، فيقرأ حاملوا النعش الفاتحة ويخيروها بين هذا وذاك ثم يمضون فأي وجهة سلكوا يكون اختيارها، ويعتقد أن النعش يذهب كيفما يريد فكثير من الموتى يوجهون حامليهم لمنزل أقربائهم أو لأماكن عزيزة لديهم.
فيما يشير «خير عبدالوهاب»، يحمل النعش أقرب الناس للميت يشاركهم من أرادوا اكتساب الثواب فحمل النعش يعد ثوابا كبيرا بالصعيد يتم السير بالنعش أو “الكرب” كما يطلق عليه بالصعيد إلى المسجد حيث تتم صلاة الجنازة ومن بعدها يتم الذهاب للمقابر للدفن، ويذهب الرجال فقط دون النساء الذين ينتهي دورهن بمرافقة الميت عند خروجه من المنزل إلى المسجد.
ويتابع «خير» يدخل الميت قبره الذي يعده الحفار ومعه أقرب أهله مثل ابنه أو أخيه أو أكثر من فرد من أهله فيما يقوم أقربهم له دما بالشق عليه أى شق الكفن على وجه الميت، قبل أن يخرجوا ويغلقوا القبر ويرشوا المياه ويضعوا النبات الأخضر وربما صبارا لكي يصبر أهله على فراقه ويقرأون الفاتحة والدعاء.
مظاهر وعبارات الحزن في الصعيد
بنما تقول «سيدة إبراهيم» من سكان الأقصر، ترتدي النساء أقارب المتوفى ثياب أسود لمدة تتراوح من 15 يوماْ حتى 40 يوماْ، وفقا لدرجة القرب منه، فيما ترتدى بنات وأخوات المتوفى السواد لمدة عام كامل بينما، تظل زوجة المتوفى مرتدية السواد طوال عمرها وكذلك والدته، فيما يلتزم أقارب المتوفى الرجال بعدم حلاقة الذقن لمدة أربعين يوما.
وتشير «سيدة»، تجلس أم المتوفى أو زوجته أو شقيقته وهي متشحة بالسواد لـ “تطين” نفسها، أى لتجلس في بقعة من الطين وتغرف منه على رأسها وملبسه، مضيفه أن النسوة يقمن بختراع جملاْ جديداْ في إعلان الحزن.
وتستكمل «عايدة دياب» الحديث، من الجمل التى يقمن النسوة بترديدها، ترديد مقطع صوتي “بووووووووووو” يقلنه بصوت عال وبصورة جماعية، وفي هذه المرحلة، تستحضر الجمل المريرة، وهي عبارات تقال حسب علاقة الصارخة بالمتوفى، هناك “يا حبيبي يا أخويا” أو “يا حبيبي يا ولدي”، وهي جمل تقال في حال كون الميت أخا أو زوجا.
ويتكرر كثيرا أن تخاطب الأم الثكلى ابنها المتوفى بالقول “رد عليا يا واد”، وفي بعض الأحيان تنطق امرأة بجملة “مع السلامة”. أما عن الفتاة التي رحل أبيها فهي تودعه بالقول: “يا قلة الشوفه فيك يا باه”.
مراسم تقديم واجب العزاء في الصعيد
ويقول «مجاهد سعيد»، ينصب صوان العزاء للميت ثلاثة أيام وكانت قديماْ تصل إلى 40 يومياْ، ويقام العزاء داخل دوار العائلة بحضور مقرئي قرآن كل وفق قدرته المادية، وتقاس مكانة المتوفى وأهله وحب الناس لهم بحجم الصوان وإقبال الناس عليه.
ويتابع «مجاهد»، يتم إستقبال المعزين من القرى والعائلات البعيدة والغريبة عن قرية المتوفى بمندرة العائلة، حيث يستقبلهم كبار عائلة المتوفى، وتقوم عائلة المتوفى عدا بيت المتوفى نفسه بتقسيم وجبات طعام اليوم الأول والثانى والثالث بينهم ليطعموا أهل المتوفى والشيخ القارىء والمعزين الأغراب أو القادمين من سفر بعيد، وذلك بمد الطعام داخل المندرة حيث يتم الإفطار باكرا والغذاء بعد آذان الظهر والعشاء بعد آذان المغرب.
تتغير العادات والتقاليد بأحزان الصعيد
بينما يؤكد «محمد أمين»، بمرور الوقت تتغير العادات والتقاليد وأحيانا بعضها يختفى تماما، وكلما مرت الأيام والسنون تختفى رويدا رويدا، ما تكاد ترى أحدا اليوم، متمسكاْ بتلك العادات والتقاليد، وأصبح العزاء من أمام المقابر، مما يؤثر هذا على العلاقات الاجتماعية بين العائلات.
وأشار «حسين عبدالنبى» من أسباب تلاشئ هذة الطقوس والعادات ترجع إلى انشغال الناس بعملهم ومصالحهم اليومية، إضافة إلى غلاء الأسعار، مشيرًا إلى لأن واجبة الطعام التى تقدم خلال أيام العزاء الثلاث تكلف من 150 إلى 200 جنيها للفرد الواحد، ما يعد عبء مادى على الأهالى.
وأوضح «أحمد كامل» من العوامل التى ساعدت علي انتشار ظاهرة العزاء علي المقابر، وصية المتوفي والذى يوصي ألا ينصبوا له وأن يقتصر العزاء على المقابر، موكدا أن هذا عامل أساسى ساهم بشكل كبير فى هذه الظاهرة.
العودة للعادات التراثية في الصعيد
وأكد «ممدوح عبدالوهاب»، أن العادات والتقاليد هي مصدر فخر لنا، فقد حرصنا على التمسك بالعادات والتقاليد، ويستلزم علينا أن نعيد تلك العادات، وتطبيقها ونشرها والحرص عليها وتربية الأبناء للتمسك بها، وهذا يستوجب على كبار القوم بالسعي ابتداء بالنفس وتعميمًا للأسرة والمجتمع، لعودة تلك العادات والتقاليد فى مجتمعنا.