الدكتور محمد حمزة يكتب: إلى متى يستمر هذا العبث بآثارنا؟ ولماذا؟
إلى متى يستمر هذا العبث بآثارنا؟ولماذا؟؛ من أجل حفنة من الأموال نعبث بآثارنا؟ ومن المستفيد من هذه الأموال؟ وما نسبة المجلس الأعلى للآثار والقطاع من هذه الأموال؟ وهل هذه الأموال تضاهي أو تعادل أو تساوي ما أنفق على مشروعات ترميم مثل هذه الآثار؟ بعد استخدام هذا المسجد في القسم الأعلى بالقلعة الذي كان يعرف عند إنشائه بمحلة الانكشارية (مسجد سليمان باشا المعروف بمسجد سارية الجبل أو سيدي سارية 935 هجرية /1528م ) ذو التخطيط النادر على مستوى العالم عامة وفي مصر خاصة في تصوير بعض مشاهد مسلسل الحشاشين اللي عرض في شهر رمضان الماضي فوجئنا باستخدام هذا المسجد لعقد قران بعد تجهيزه على النحو اللي احنا شايفينه في الصورة. والجديد هنا أن عقد القران قد تم داخل الجامع نفسه على نحو ما نراه في الصورة أما في جامع محمد علي بالقلعة -أيضًا- فقد حدث ذلك في صحن الجامع ( الحرم وفق المصطلح في العمارة العثمانية)حول الشاذروان أو الفسقية.
وهنا يثار تساؤل وهو لماذا الإصرار على هذين الجامعين بالقلعة رغم أن أحدهما وهو سليمان باشا غير مؤهل للصلاة فيه حتى الآن فلم يتم فرشه وتهيئته للصلاة أو حتى الزيارة وهذه الأخيرة مثلها مثل عقد القران تسمح بالدخول أو الجلوس في داخل المسجد بالحذاء فهل يعقل ذلك؟
ومن جهة أخرى، فالقلعة بها المحكي في مشهد بانورامي ساحر فلماذا لا يستغل ذلك في عقد القران مثلما يحدث من إقامة الحفلات المتعددة فيه؟.
أفراح المساجد
وظاهرة عقد القران وإقامة الأفراح منتشرة في العديد من المواقع، غير المساجد ومنها القاعة الذهبية بمتحف قصر المنيل (من أيام الأمين العام الأسبق د زاهي حواس) وهرم زوسر المدرج بسقارة وهرم خوفو الكبير؟ ويجرنا هذا للربط بين ماحدث من مشكلة تكسير بعض أحجار الهرم بغرض تغيير كابلات الكهرباء فهل هذا التحديث وذلك التغيير يعد إرهاصة بما سوف يحدث أمام الهرم من حفلات كبرى وأفراح مستقبلا؟
وهل مثل هذه الحفلات والأفراح أصبحت هي المورد الرئيس لجذب الاستثمارات في المواقع الأثرية؟ أم أن التسويق وجذب الاستثمارات في المواقع الأثرية له وسائل وأساليب واستراتيجيات ورؤى أخرى من تخطيط جيد وإدارة جيدة ورقابة ومتابعة جيدة وتسويق جيد؟ فأين وزارة السياحة والمجلس الأعلى وقطاعاته ولجانه من كل هذا؟.
ومن أجل ذلك يجب أن يحدث تغيير جذري وحتمي وضروري في قيادات الوزارة والمجلس لإحداث نقلة نوعية كبري فكرا ورؤية واستراتيجية غير نمطية وغير تقليدية تواكب عصر العولمة والكوننة والشملنة وعصر الذكاء الاصطناعي Ai، وبعد فهل أصبحت آثارنا بعد تكرار هذا العبث ينطبق عليها قول الشاعر فتلك آثارنا تدل علينا فانظروا بعدنا إلى الآثار وماخفي كان أعظم؟
بقلم: الدكتور محمد حمزة أستاذ التاريخ الإسلامي وعميد كلية آثار القاهرة سابقا