رئيس التحرير
خالد مهران

أزمات كبار رجال الأعمال تنفجر فى وجه حكومة مصطفى مدبولي

اجتماع مصطفى مدبولي
اجتماع مصطفى مدبولي مع رجال الأعمال

«أسعار الفائدة المرتفعة، ووقف التعيينات في الجهاز الإداري للدولة، وهروب الشركات المصرية للإمارات»، كانت أبزر الأزمات التي أصبحت حديث الساعة على لسان المصريين عقب اجتماع كبار رجال الأعمال مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى.

فمع نهاية عام 2024، اجتمع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، بعدد كبير من كبار رجال الأعمال المصريين، لمناقشة بعض الرؤى والمقترحات للتعامل مع التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر، والتي شهدت عامًا صعبًا واستثنائيًا بسبب الظروف المحيطة، حسب وصف رئيس الوزراء.

وتحاول «النبأ»، خلال السطور التالية، رصد أبرز الأزمات التي جاءت خلال حوار كبار رجال الأعمال مع رئيس الوزراء، ومدى تجاوب الحكومة مع القطاع الخاص وتنفيذ الحلول على أرض الواقع.

بعد حديث أحمد عز..

3 أسباب وراء وقف باب التعيينات فى الجهاز الإدارى للدولة

فتح رئيس مجموعة حديد عز، أحمد عز، ملف أزمة إغلاق التعيينات في الجهاز الإداري للدولة والذي استمر منذ 2014، قائلًا: «الجهاز الإداري للدولة يحتاج عودة التوظيف وفتح باب تعيين الشباب بالقطاع الحكومي، خاصة مع دراسة 40 ألف طالب مصري بالجامعات الأجنبية».

وأضاف، خلال كلمته في الاجتماع: «الحكومة محتاجة ترجع توظف مرة أخرى لأن القطاع الخاص يحتاج ذلك، الشركات التي أنا مسؤول عنها تواجه حاليًا موضوعات متشعبة دولية تتطلب إمكانيات مختلفة لدى الجهاز الإداري بالدولة».

وتابع: «عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة انخفض من 6 ملايين موظف قبل 10 سنوات إلى نحو 3.5 مليون موظف، نحتاج حاليًا جيل جديد وكوادر بمهارات مختلفة، كل الأفكار المقدمة من القطاع الخاص تحتاج حلول أخرى».

كما تتطرق أيضًا إلى تراجع معدل نمو قطاع التشييد والبناء والأنشطة العقارية في مصر خلال الفترة الحالية، رغم كون هذا القطاع من بين القطاعات التي كانت تحقق معدلات نمو تعادل ضعف وأكثر من معدلات النمو المحققة فى الناتج المحلي الإجمالي للدولة.

وأوضح «عز»، أن المؤشر الأهم فى قطاع التشييد والبناء هو استهلاك الحديد والأسمنت فى عام 2010 استهلاك الحديد فى مصر كان 9.9 مليون طن، وفى آخر 3 سنوات انخفض الاستهلاك إلى 6.5 و6.4 و6.2 مليون طن.

وأشار رئيس شركة حديد عز، إلى أن 70% من سكان مصر ممنوع عنهم البناء حاليًا، 5 آلاف قرية و120 مركزًا بالمحافظات لا يستطيعون البناء، في السابق كانت الدولة تصدر 60 ألف رخصة بناء سنويًا، هذا لا يعني أننا نطالب بعودة البناء العشوائي، لكن الأمر يتطلب قواعد جديدة، فالسير في نفس الاتجاه الحالي يتسبب في تأخير قطاع التشييد والبناء تأخر عنيف.

وفي هذا السياق، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر، إن اجتماع رئيس مجلس الوزراء كان مهما وضروريا أمام الرأي العام المصري، ولا سيما مع الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد؛ لأنه يعطى الأمان واهتمام الدولة بالمستثمرين، مطالبًا بعقده بشكل دوري وخاصة أنه يعتبر أهم من الحوار الوطني، ولاقى ردود الأفعال الإيجابية من الجميع.

وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هناك عجزا كبيرا جدًا في القوى العاملة في بعض الوظائف الحكومية، لافتًا إلى أن بعض الجامعات يوجد بها دكتور أو أستاذ مساعد واحد فقط يدرس لقسم كامل، وهو ما يعد ضغط لأنه يدرس 29 ساعة في الأسبوع بالإضافة إلى السن الذي يقترب من الـ60.

وأشار «فهمي»، إلى أنه دائمًا نطالب بعودة التعينات الحكومية لسد العجز والذي دام أكثر من 10 سنوات دون جدوى.

وأوضح أن عدم وجود التعينات يرجع إلى 3 أسباب، هم: «اعتقاد الحكومة أن التعيينات سبب في تقاعس الموظف عن العمل، بجانب صعوبة الإجراءات، فالأمر يكون بين وزارة المالية والجهاز المركزي للتنظيم والإدراية كأنه دائرة مفرغة ولا يوجد لها حل، وأخيرًا تقليص النفقات الحكومية عن طريق عدم زيادة بند الأجور في الموازنة».

وتابع: «والتفكير هذا خطأ لأن التعيينات الحكومة تعمل على زيادة الإنتاجية، حيث الموظفين سيعملون عن أداء خدمات وهو بالتالي يزيد العائد والأموال التي تدخل خزينة الدولة، ولكن بشرط اختيار الكفء منهم والذي يستطيع تحمل المسئولية».

وواصل: «كان يوجد قرار من رئيس الوزراء بتعيين الـ5 الأوائل في جامعات الحكومية، ولكن إذا نظرنا لم يتم العمل بالقرار منذ 2014؛ والأمر يسير على الأطباء هو ما يؤدي إلى هروب الكوادر الطبية الكفء للخارج».

وحول وقف البناء والتشييد، أكد أستاذ الاقتصاد، أنه لا يوجد دولة دون بناء، ولكن تم وقفه في مصر لوقف التعدي على الرقع الزراعية، لافتًا إلى أن إعادة الإنتاجية للفدان تكلفته ملايين الدولارات وليس الجنيهات.

وأشار إلى أن وقف البناء جاء لوضع شروط وضوابط لتنظيم عمليات التشييد، ولكن الأمر أخذ فترة طويلة لذلك يجب إعادة دورة البناء مرة أخرى وتشغيل بعض العمالة المتوقفة على هذا القرار، ولكن مهم وضع شروط صارمة ولوقف التعدي على الأراضي الزراعية.

صدمة تصريحات رئيس البنك الأهلى..

سر هروب 2360 شركة مصرية إلى الإمارات خلال 6 أشهر

جاءت تصريحات محمد الإتربي، الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المصري، حول خروج 2360 شركة مصرية في النصف الأول من عام 2024 إلى الإمارات، كالصاعقة لشريحة كبيرة من المواطنين، ولا سيما بعد تأكيده أن ذلك يُعد تهديدًا خطيرًا على السوق المصري.

وأضاف «الإتربي»، خلال كلمته في الاجتماع، أن مصر تمتلك كافة الإمكانيات اللازمة للتطور، موضحًا أن التضخم سينخفض في المستقبل، حيث إن أسعار الفائدة ستشهد انخفاضًا يتراوح بين 3 إلى 6% خلال عام 2025.

وأكد أنه لا يمكن السماح بوجود سعرين لصرف العملات الأجنبية مرة أخرى؛ لتداعياته السلبية على الموارد الدولارية ومناخ الاستثمار فى مصر بشكل عام.

وأِشار إلى أن توحيد سعر الصرف ساهم فى نمو هائل لحصيلة البنك الأهلى من التنازل عن العملة خلال الأشهر الماضية، بالإضافة لنمو كبير فى تحويلات المصريين بالخارج.

وقال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إن الإمارات سوق مفتوح لجميع الشركات الإنترناشونال وأصبحت هي منطقة الشرق الأوسط للمصانع العالمية، متابعًا أنه يتم الإنتاج والتصدير لدول المنطقة بأسعار مخفضة وتكلفة أقل. 

وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن مناخ الاستثمار في دبي مشجع، حيث إنه يتم خلال أسبوع إقامة مشروع بالكامل دون أي معوقات وتدخلات حكومية، وتأخير وتخصيص أراض طبقًا لمعايير البيئة العالمية.

وأشار «عامر»، إلى أن الأزمة في مصر البيروقراطية، حيث إنه لا يزال هناك تخوفات من صدور أي قرار أو التوقيع إلا بعد اطلاع أكثر من 4 أو 5 مسئولين في جهة واحدة، حتى لا يقع على أحد المسئولية، وهذا عكس ما تنادي به الحكومة في التحول الرقمي وسرعة إنجاز القرارات.

وأوضح أن هناك صعوبة في عودة الشركات التي خرجت للأسواق الإماراتية مرة أخرى لمصر، حيث هناك فرق بين البيئتين للاستثمار، ولكن يجب على الحكومة المحاولة في إزالة المعوقات وجذب شركات عالمية جديدة.

وأكد الخبير الاقتصادي، أن هروب الشركات للإمارات يسبب سمعة سيئة لمصر في الخارج، ويشوه المناخ الاستثماري للبلاد، وبدليل أن الاستثمارات الأجنبية في مصر في تراجع مستمر خلال الفترات الماضية، والاستثمارات الحالية ما هي إلا استثمارات مباشرة من القادة السياسية.

وتابع: «هناك أمل في وزير الصناعة اللواء كامل الوزير، في تحسين مناخ الاستثمار في مصر وتمكين الصناعة المصرية، وحل مشاكل المستثمرين الحاليين في البلاد وإعادة عمل المصانع المتعثرة».

انتقدها هشام طلعت مصطفى..

سعر الفائدة المرتفع صداع فى رأس المستثمرين

انتقد الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة طلعت مصطفى القابضة، هشام طلعت مصطفى، بشكل مباشر ارتفاع أسعار الفائدة في البنوك، قائلًا: «هناك عدد من التحديات توجه رجال الأعمال في مصر والتي تعد أكبرهم أزمة العملة الصعبة؛ لتأثيراتها الخطيرة على التضخم، بالإضافة إلى أسعار الفائدة المرتفعة».

وأشار، خلال كلمته في الاجتماع، إلى أن القطاع الخاص لن يتمكن من تحمل أسعار الفائدة المرتفعة، التي بلغت 32%.

وأوضح أن القطاع الخاص يتحمل أعباءً ليس مسؤولًا عنها، لافتًا إلى أن تحرير أسعار الطاقة وزيادة السيولة كانا من العوامل الرئيسية وراء ارتفاع معدلات التضخم، مما يتطلب حلولًا جذرية.

كما أشار إلى أن الهياكل التمويلية للشركات أُسست بناءً على معدلات فائدة تتراوح بين 13-14%، بينما تضاعف هذه المعدلات خلال عام واحد يشكل ضغطًا كبيرًا على الشركات، ما يثير تساؤلات حول قدرتها على الاستمرار.

وطالب «مصطفى»، بتشكيل لجنة وزارية تضم البنك المركزي لمراجعة تأثير أسعار الفائدة المرتفعة على القطاع الخاص، ومتابعة استدامة الهياكل التمويلية للشركات في ظل هذه التحديات. 

وأكد ضرورة النظر -أيضًا- إلى ميزانية الدولة ومشكلات القطاع المصرفي التي تفاقمت بسبب ارتفاع الفائدة.

وأضاف أن أزمة عجز الدولار تُعتبر من أكبر العقبات الاقتصادية التي تواجه مصر، موضحًا أن المستثمرين الدوليين يبحثون عن استقرار العملة المحلية لضمان عائداتهم.

وبدوره، أشاد نجيب ساويرس رجل الأعمال المصري، بحديث هشام طلعت مصطفى الرئيس التنفيذي لمجموعة طلعت مصطفى القابضة بشأن تأُثير سعر الفائدة المرتفعة السلبي على الشركات العاملة في مصر.

وقال ساويرس، في تدوينة له على منصة «إكس» تويتر سابقا: «كلام صح 100/100 نعمل الآن بخسائر دائمة خاصة في قطاع البناء والتنمية العقارية لأن التضخم والفوائد تأكل الأرباح وتسبب خسائر وارتفاع تكلفة البناء».

كما تسببت الفائدة المرتفعة في البنوك، في حالة من الجدل في الشارع المصري، وتشوية دور البنوك وتحميلها سبب الأزمات الاقتصادية وخسائر المسثتمرين، وهو ما يهدد ودائع العملاء.

وخرج هشام عز العرب، الرئيس التنفيذي للبنك التجاري الدولي (CIB)، ليرد على الاتهامات السابقة، مشددا على الدور المحوري الذي تلعبه البنوك المصرية في دعم الاقتصاد الوطني.

وقال عز العرب، عبر حسابه الشخصي على أكس - تويتر سابقا -، أن البنوك ملزمة بالاحتفاظ بنحو 25% من ودائع العملاء في أصول سائلة، مثل أذون الخزانة، إلى جانب الاحتياطي الإلزامي لدى البنك المركزي الذي لا يدر عوائد.

وأضاف أن حاليًا ما يقارب 40% من أصول البنوك موجهة إلى الأذون والسندات، في حين أن النسبة الأكبر تُخصص لقروض العملاء، وهو ما يعكس دورها الفعلي في تمويل المشروعات ودعم الأنشطة الاقتصادية.

وأشار الرئيس التنفيذي للبنك التجاري الدولي مصر،  إلى أن أرباح البنوك تتزايد مع نمو ودائع العملاء، وتوسع حجم القروض والخدمات المصرفية، مؤكدًا أن القطاع المصرفي هو العمود الفقري للاقتصاد.

وحذر من محاولات تشويه دور البنوك أو تحميلها مسؤولية أخطاء اقتصادية، حيث إن ذلك قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي لا يمكن لأحد تحمله.

واختتم عز العرب، بالتذكير بالدور الوطني للبنوك في الأوقات الصعبة، حيث ساهمت بشكل كبير في الحفاظ على استقرار الاقتصاد خلال أزمات 2008 و2011، ولا تزال ركيزة أساسية لدعم الدولة في مواجهة التحديات الاقتصادية.

وعلق الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، على أزمة ارتفاع أسعار الفائدة، قائلًا: «أحد المعوقات الاستثمار في مصر هي الفائدة المرتفعة، ولكن نشهد خفض لأسعار الفائدة في بعض البنوك، وهو ما يعطي مؤشر إلى اتجاه البنك المركزي في 2025، لخفض أسعار الفائدة بقيمة 6%، بينما هناك مؤسسات دولية توقعت وصول نسبة الانخفاض إلى 8%، وخاصة مع تراجع الالتزامات الخارجية بمقارنتها بالعام الماضي».

وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هذا بجانب تخفيض الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة خلال عام 2024، 3 مرات بإجمالي 0.75%، وهو ما يدل إلى سياسية الانخفاض التي ستسير عليها البنوك المركزية خلال عام 2025.

وأشار «الإدريسي»، إلى أن خفض أسعار الفائدة مطلب أساسي لدى القطاع الخاص، حيث أصبحت ضرورة ملحة لزيادة الاستثمارات، واستعادة الانشاط الاقتصادي، وعودة عمليات البيع والشراء مرة أخرى.

وأوضح أنه خلال عام 2024، حاول البنك المركزي المصري، السيطرة على التضخم، وجذب الأموال الساخنة وتحسين سعر الصرف، وزيادة الطلب على الجنيه، عن طريق رفع أسعار الفائدة.

حول تشويه دور البنوك، أكد الخبير الاقتصادي، أن البنوك تلتزم فقط بتعليمات والسياسات النقدية التي يضعها محافظ البنك المركزي، متابعًا: «حتى في حالة تحرك البنوك بفائدة أقل أو أعلى لما حددها البنك المركزي في النهاية متوسطات للسعر الذي يطبقه البنك المركزي».

وواصل: «تحميل الأخطاء الاقتصادية للبنوك أمر غير صحيح بالمرة، لن جميع القرارات تصدر من البنك المركزي والحكومة فقط، وعليه تتحرك البنوك».

ولفت إلى أن البنوك تتحرك على منتجات مصرفية تعمل على ترويحها وتسويقها وخدمات تميزه عن غيره في إطار التنافسية بينهم، ولكن ليس طرف في الأزمات الاقتصادية الحالية.

وشدد على أن وائع العملاء في أمان لدي البنوك، مؤكدًا أن البنوك ملتزمة بتسديد فوائد الشهادات حتى نهاية المدة المقررة.