معرض الكتاب 2025.. دار المصري تفتح نافذةً عربيةً جديدةً على كلاسيكيات الأدب الإسباني
تسلط دار المصري للنشر الضوء على جواهر الأدب والفكر الإسباني الكلاسيكي عبر ترجمة مجموعة من الأعمال البارزة إلى اللغة العربية، لتأخذ القارئ العربي في رحلة عبر الزمان والمكان، حيث تتداخل القصص الإنسانية مع التاريخ والفلسفة، وتلتقي العواطف بالتحديات الكبرى.
تأتي هذه الإصدارات ضمن مشاركة الدار في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يفتتح في 23 يناير الجاري، وتغطي مجموعة متنوعة من الأعمال التي تعد بمثابة جسر ثقافي بين العالم العربي والغرب، ما يميز هذه الأعمال ليس فقط محتواها الأدبي العميق، بل أيضًا ترجماتها المتميزة التي تنقل الأجواء الأصلية للأدب الإسباني بجمال وعناية فائقة.
تبدأ دار المصري مشروعها الحالم بإصدار "الروايات النموذجية" للكاتب الإسباني الشهير ميجيل دي ثربانتس، الذي يُعتبر واحدًا من أعظم أدباء التاريخ، وتأتي هذه المجموعة القصصية كدليل أدبي يقدم نماذج مثالية للأدب من خلال تقديم تجارب إنسانية متنوعة ومعقدة، وهذه القصص لا تقدم مجرد ترفيه، بل تطرح تساؤلات نقدية عميقة حول التفاعل البشري، وتعد مرجعية مهمة للكتّاب المعاصرين في إبداعهم.
ومن قصص الحب المثيرة إلى الصراعات الثقافية، تأتي رواية "الإسبانية الإنكليزية" لتأخذ القارئ في رحلة مثيرة عبر البحار والمحيطات، حيث تتبع الرواية قصة فتاة إسبانية تُختطف وتُجبر على العيش في إنجلترا، مما يفتح بابًا لمغامرة مليئة بالتشويق والمشاعر المتناقضة.. هل ستتمكن الفتاة من العودة إلى وطنها وحبها؟ تنسج الرواية قصة حب ملحمية في عالم من التحديات التي تختبر القدرة على التكيف مع الثقافات المختلفة.
أما رواية "حوار بين كلبين" فهي هي إحدى أبرز أعمال ثربانتس الساخره التي تتميز بقدرتها على تسليط الضوء على حياة المجتمع من خلال عيون كلبين ذكيين، إذ تحكي الرواية قصة رحلة فكرية مليئة بالمرح والحكمة، حيث يكتشف القارئ عبر حوارات الكلبين أسرار الحياة اليومية، ويكشف عن جوانب غير متوقعة للمجتمع، مما يقدم نقدًا اجتماعيًا حادًا يتجاوز الحدود التقليدية للرواية الكلاسيكية.
والكاتب فرانسيسكو مارتينيز دي لا روسا يقدم في روايته التاريخية "إيزابيل دي سوليس" مزيجًا بين الحب والحرب في زمن سقوط غرناطة، آخر معاقل المسلمين في إسبانيا، وتدور الرواية حول الصراعات الداخلية لشخصية إيزابيل، التي تسعى لاكتشاف ذاتها في وقت عصيب من تاريخ إسبانيا، المعركة بين الهوية والانتماء تتشابك مع قوى الحب والحرب لتخلق سردًا عاطفيًا مليئًا بالتحولات التاريخية العميقة.
وفي "سجن الحب"، يواصل الكاتب دييغو دي سان بيدرو استكشاف أبعاد الحب وتحدياته الاجتماعية والفلسفية، والرواية ليست مجرد قصة حب عادية، بل هي رحلة روحانية تسلط الضوء على الصراع الأزلي بين الرغبة في الحرية والقيود المجتمعية وبتفاصيله الدقيقة، يقدم سان بيدرو نقدًا للطبقات الاجتماعية وقوانينها الظالمة، مما يعكس تصورات معقدة عن علاقة الإنسان بالحرية والقيود المفروضة عليه.
في كتاب "تاريخ الهند الغربية" الذي يعد بمثابة شهادة تاريخية غير مسبوقة، يأخذنا الكاهن الإسباني بارتولومي دي لاس كاساس في رحلة إلى أعماق التاريخ الاستعماري الإسباني، ليكشف لنا الستار عن فظائع لم تُروَ بعد حول تعامل المستعمرين الإسبان مع السكان الأصليين في جزر الهند الغربية.. وبأسلوب توثيقي قوي، يفتح الكتاب نافذة على الصراعات الروحية والثقافية التي شابها الاستغلال والتدمير، مستعرضًا أحداثًا أثرت في مصير القارة الجديدة.
أما السلسلة الأدبية "الألحان" التي ابتكرها لفايي إنكلان، فتمثل ثورة أدبية في أوائل القرن العشرين، حيث بأسلوب موسيقي يدمج الرومانسية والرمزية، يروي الكتاب قصة صراع بين الحب والدين، في أجواء تتسم بالتأمل العميق حول الإيمان والمعنى الحقيقي للحياة.. في هذا العمل، يسافر القارئ عبر العواطف المعقدة لشخصيات تتصارع مع ماضيها، في تجربة أدبية تمزج بين الفلسفة والخيال.
وتدور الروايات، وهي "لحن الشتاء" و"لحن الربيع" و"لحن الصيف" و"لحن الخريف"، حول شخصية الماركيز دي برادومين، الذي يجسد بطبيعته المعقدة وتحولاته النفسية المراحل المختلفة للحياة الإنسانية: من تهور الشباب في "ربيع حب جميل" إلى حكمة النضوج في "بطل الخريف "، وصولًا إلى تأملات الشيخوخة في "شتاء ميت".
ويعد هذا المشروع الطموح لدار المصري للنشر بمثابة إضافة مميزة للساحة الثقافية العربية، حيث تقدم هذه الأعمال العميقة بلغتها الأصلية بأسلوب دقيق ومبدع في الترجمات، وتتولى د. شيماء مجدي، المتخصصة في أدب أمريكا اللاتينية وأدب العصور الوسطى الإسباني، مهمة ترجمة هذه الأعمال، حيث يلمس القارئ في ترجماتها الحس الإبداعي والقدرة على الحفاظ على روح النصوص الأصلية، مما يجعل القارئ العربي يعيش تجربة فريدة مع الأدب الإسباني الكلاسيكي.