سر تأخر البرلمان والحكومة فى حل أزمة الإيجارات القديمة

«السجينى»: ملزمون بإصدار تعديلات وسنتصدى للحكومة حال عدم تقدمها بالقانون
أحمد البحيرى: القانون موجود بالمجلس.. والتأخر متعمد لهذا السبب
على الرغم من أن ملف قانون الإيجارات القديمة، من الملفات الشائكة، والتي تشغل حيزًا كبيرًا من اهتمامات المواطنين، وظلت تداعياته عالقة لسنوات طويلة، حتى صدور حكم الدستورية، الذي كان بمثابة الحجر الذي حرك المياه الراكدة، ومنح البرلمان والحكومة الضوء الأخضر لاقتحام الملف ووضع حد للصراع بين طرفي الأزمة التي امتدت لعقود، إلا أن الواقع لا يكشف حتى الآن، عن أي تحركات بشأنه.
وتسيطر حالة من الغموض والترقب بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان ثبات قيمة الإيجار وتحرك مجلس النواب لإعداد مشروع قانون جديد ورغم صدور الحكم في نوفمبر الماضي، إلا أن الخطوات التشريعية الفعلية لوضع علاقة جديدة بين المالك والمستأجر لم تبدأ بعد مما أثار تساؤلات عديدة حول مستقبل القانون.
وأصدرت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمي إسكندر، حكمًا بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين 1 و2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 والتي نصت على ثبات الأجرة السنوية للأماكن السكنية منذ بدء تنفيذ القانون.
وأكدت المحكمة، أن هذا الثبات المستمر لفترات طويلة يتعارض مع مبادئ العدالة وحقوق الملكية.
ومنحت المحكمة مجلس النواب مهلة حتى انتهاء دور الانعقاد التشريعي الحالي ليقوم بإعداد تشريع جديد يحقق التوازن بين أطراف العلاقة الإيجارية ويضع ضوابط عادلة لتحديد القيمة الإيجارية وفقًا للظروف الاقتصادية الراهنة.
إرادة الدولة
من جانبه، قال اللواء رضا فرحات، خبير الإدارة المحلية ومحافظ الإسكندرية الأسبق، إن حل أزمة الإيجار القديم يتطلب إيجاد إحصائيات دقيقة لنتمكن من اتخاذ القرارت، موضحا أن الإحصائيات في 2017 تشير إلى أن عدد الوحدات كان حينها نحو 3 ملايين، تقلص هذا العدد إلى مليون و800 ألف وحدة منهم المغلق وغير السكني.
وأضاف «فرحات»، خلال ندوة نظمتها نقابة المهندسين الفرعية بالقاهرة لمناقشة قضية الإيجار القديم، أن الوحدات المغلقة والسكنية حلها ليس صعبا، متابعا أن الوحدات السكنية التي تدور حولها الإشكالية تتراوح بين 300 و400 ألف وحدة.
وواصل أنه من الضروري دعوة الملاك والمستأجرين لاستعراض الرؤى والمقترحات حول ملف الإيجار القديم، إضافة إلى الاستعانة بأساتذة القانون والخبراء وعدم تجاهل الدراسات والبحوث التي أعدتها الجهات البحثية للوصول إلى الصياغة النهائية للقانون.
وأكد الدكتور رضا فرحات، أن الدولة المصرية لديها إرادة قوية لحل إشكالية الإيجار القديم، متابعا أن الحكومة طلبت مهلة لتقديم مشروع القانون.
وأضاف: «أتوقع أن الحكومة ستتقدم بمشروع القانون خلال مارس المقبل ليتم مناقشته داخل مجلس النواب وصدوره خلال دور الانعقاد الحالي قبل شهر يوليو المقبل».
ويتوقع خبير الإدارة المحلية، أن يصدر قانون الإيجار القديم شاملا دون الاقتصار على زيادة الوحدات السكنية وفقا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في نوفمبر الماضي.
وأشار محافظ الإسكندرية الأسبق، إلى أن قوانين الإيجار القديم من القوانين الاستثنائية التي صدرت في ظروف معينة ولا تمثل حلا دائما للمشكلات وتحتاج إلى مراجعتها بصورة دورية لتواكب الضمان الاجتماعي والشريعة الإسلامية.
رفع الحرج
وقال النائب أحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن حكم المحكمة الدستورية جاء كاشفًا ورفع الحرج عن كثير من الأمور والبرلمان كسلطة تتسق مع السلطة القضائية ولزامًا عليه تنفيذ حكم المحكمة الدستورية.
وأضاف، أن رئيس البرلمان المستشار حنفى الجبالى، فور صدور حكم المحكمة الدستورية أبدى وأكد فى بيان رصين فيه تلك المعانى وكان هناك توجيه للجنة الإسكان لمناقشة هذا القانون وهو اختصاصها الأصيل ولجنة الإدارة المحلية باعتبار أعضائها شركاء -أيضًا- حيث تمت الدعوة لعقد اجتماع يضم كافة الأطراف ثانى أيام اجتماع المجلس فى دور الانعقاد، مشيرًا إلى أن البرلمان ارتأى التريث ومنح الفرصة للحكومة لدراسة الحكم لأنها الجهة المنفذة.
واستكمل: «نحن جميعا كسلطات مختلفة تشريعية وتنفيذية وإعلام ومواطنين لدينا جميعًا القناعة أن هذا الأمر يحتاج للإنهاء من جذوره وأن لا يبقى عالقًا لأجيال قادمة وحتى يتم الانتهاء منه بشكل سليم لا بد أن يحقق توازنا بين المراكز الشرعية والقانونية والدستورية للملاك ويحقق فى ذات الوقت السلم الاجتماعى ويكون هناك اطمئنان على أهالينا القاطنين فى شقق سكنية ولهم ظروف اجتماعية»، مردفًا: «ذلك إعمالًا لمبدأ ما لا يدرك كله لا يترك كله وبالتالى الحكومة هى الجهة المنفذة».
وتابع: «الأصل أن الحكومات هى من تتقدم بمشروعات القوانين خاصة فى القوانين ذات الحساسية التنفيذية وهى من تنفذ ولدينا اللجنة النوعية فى البرلمان وجاهزين بتقديم التصورات لكن نعطيها فرصة، خاصة أن المحكمة الدستورية أعطت البرلمان مهلة عدة أشهر قبل انتهاء دور الانعقاد الحالي».
وختم حديثه قائلًا: «لكن أبشر الجميع والمواطنين، وأؤكد أن البرلمان ملتزم بإصدار تعديلات فى هذا الملف كما ذكرت فى ضوء المحكمة الدستورية حتى لو لم تقدم الحكومة مشروعات قوانين سيتصدى البرلمان لذلك».
تراخي مقصود
بدوره، قال الدكتور أحمد البحيري، رئيس جمعية المضارين من قانون الإيجار القديم، إنه وصلت إلينا معلومات مفادها أن القانون موجود بالمجلس، وسيتم مناقشته في شهر رمضان المقبل، مضيفا أنه سيكون عبارة عن فترات انتقالية لتطبيق الزيادة في الأجرة.
وأضاف، في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن خروج القانون بيد الحكومة وليس البرلمان، مشيرا إلى أن التراخي سببه الحكومة ومقصود حتى يصدر في رمضان لتقليل ردود أفعال الناس واستغلال انشغالهم في الموسم.
وأشار إلى أنه حال عدم خروج القانون قبل المدة المحددة، سيقومون برفع قضايا للمطالبة برفع القيمة الإيجارية، متابعا: «ولكن سيقتصر الأمر على الإيجار السكني فقط وليس التجاري»، متوقعا أن يصدر قانون جديد شامل ولن يقتصر على مادة واحدة.
مأساة عدم خروج القانون
من ناحيته، قال إيهاب منصور، وكيل لجنة القوى العاملة بالبرلمان، إن خروج قانون الإيجار القديم، يعد أمرًا حتميًا لا مفر منه، وذلك التزاما لما قررته المحكمة الدستورية، متوقعا خروجه قبل انتهاء دور الانعقاد الحالي.
وأضاف، في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن عدم خروج القانون قبل الموعد المقرر يضع الدولة في إشكالية حقيقية، ومأساة لأنه يعني تزاحم لآلاف الدعاوى القضائية المرفوعة في المحاكم تطالب بزيادة القيمة الإيجارية استنادا لحكم الدستورية الصادر.
ولفت «منصور»، إلى أن البرلمان لا يستطيع بمفرده عمل قانون بمعزل عن الحكومة، متابعا أن السلطة التنفيذية لديها بيانات مدققة وأرقام لا تتوفر لدينا.
وأكد أن الحكومة ما زال لديها متسع من الوقت للتقدم بالقانون، وإقراره، متابعًا: «حكم الدستورية تناول مادة واحدة فقط وهى الأجرة ومن الممكن الاكتفاء بتعديله حاليًا».