مفاجأة كبرى..
تأجيل قوانين التعليم والثانوية العامة والأحوال الشخصية والمحليات لأجل غير مسمى
يبدو أن الجهاز التشريعي فى الدولة يستعد لتقديم مفاجأة صادمة للمواطنين عقب انطلاق الفصل التشريعي الثاني، بداية من رفض مجلس النواب مشروعى قانونين مقدمين من الحكومة خلال دور الانعقاد الحالى الثانى من الفصل التشريعى الثانى، وهما القانون الخاص بنقابات المهن السينمائية والفنية والموسيقية، والثانى خاص بالتعليم، لا سيما الجدل الدائر حول مشروع قانون الأحوال الشخصية، كما رفض مجلس الشيوخ مشروع قانون الثانوية العامة.
وهو ما يشير إلى إمكانية خروج تلك القوانين من حسابات البرلمان الحالي وتأجيل البت فيها لأجل غير مسمى، وهو ما يطرح السؤال الأهم حول مصير تلك القوانين بعد رفضها؛ لما تمثله من أهمية قصوى للمواطنين، وتستعرض «النبأ» خلال السطور التالية أبرز القوانين مجهولة المصير فى فترة انعقاد البرلمان الحالي.
قانون الأحوال الشخصية
ناقش برلمان 2015 تعديلات قانون الأحوال الشخصية، ولكن تم تأجيله بسبب الخلافات التي وقعت حوله، وبحسب النائب الحالي عاطف مغاوري عضو لجنة التضامن، لم يصل للبرلمان مشروع قانون للأحوال الشخصية سواء من الحكومة أو من أعضاء المجلس.
ومن أبرز المواد التى أثارت الجدل في القانون، حضانة الطفل والاستضافة والنفقة والزوجة الثانية، حيث نص باب العقوبات على أن يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على مائتى ألف جنيه كل من زوّج أو شارك في زواج طفل لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره وقت الزواج.
وفى حالات التهرب من دفع النفقة يُعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عن تسليم بيان الدخل الحقيقى خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ استلامه قرار أو تصريح المحكمة أو إعلانه بذلك قانونًا.
ويعاقب بالحبس مع الشغل مدة لا تقل عن ستة أشهر كل مستضيف امتنع عمدًا عن تسليم الصغير أو الصغيرة للحاضن بعد انتهاء مدة الاستضافة بقصد حرمان الحاضن من الحضانة وتحكم المحكمة فضلا عن ذلك بإلزام المحكوم عليه بتسليم الصغير أو الصغيرة للحاضن وبسقوط الحق في الاستضافة طول فترة الحضانة.
ولمواجهة خطف الأطفال والسفر بهم للخارج نص القانون على عدم جواز تغيير اسم المحضون أو سفره خارج البلاد بمفرده أو رفق الحاضن إلا بموافقة موثقة من غير الحاضن من الوالدين فإذا تعذر ذلك رفع الأمر إلى رئيس محكمة الأسرة.
وحدد القانون انتهاء الحق في الحضانة ببلوغ الصغير سن 15 سنة وبعدها يخيرهما القاضى بعد هذه السن في البقاء في يد الحاضن، وذلك دون أجر حضانة «إذا كان الحاضن من النساء» حتى يبلغ سن الرشد أو حتى زواج الصغيرة.
قانون المهن السينمائية
وكان مجلس النواب فى جلسة 4 يناير 2022، رفض مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 35 لسنة 1978، بشأن اتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، والخاص بمنح النقابات الفنية الضبطية القضائية.
وكان سبب الرفض اعتراض النواب على ما تضمنه مشروع القانون من منح الضبطية القضائية للنقابات الفنية كـ(الموسيقيين والممثلين)، بهدف محاربة الإسفاف وأغانى المهرجانات وغيرها، مؤكدين أنه يمكن إساءة الضبطية القضائية لمحاربة الإبداع والفنانين، وأن القانون يخالف الدستور فى المادة الخاصة بحرية الإبداع، وأن منح الضبطية القضائية للنقابات الفنية مخالفة دستورية ويفتح الباب أمام باقى النقابات للمطالبة بالمثل، كما لا يوجد ضوابط أو ضمانات لهذه الضبطية، وأنه يمكن إغلاق ورش فنية أو وقف أى أغنية أو عمل فنى بذريعة عدم التناسب ولا يجب إعطاء سيف للنقابات على رقاب الفنانين.
قانون التعليم
وبجلسة 8 فبراير 2022، رفض مجلس النواب مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 الذى يهدف إلى زيادة غرامة غياب التلاميذ إلى 1000 جنيه.
ونص مشروع القانون على استبدال نص جديد للمادة (21) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم (139) لسنة 1981 مفادها أن «يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه والد الطفل أو المتولى أمره إذا تخلف الطفل أو انقطع دون عذر مقبول عن الحضور إلى المدرسة خلال أسبوع من تسلم الكتاب المنصوص عليه فى المادة من هذا القانون (19) من هذا القانون، وتتكرر المخالفة وتتعدد العقوبة باستمرار تخلف الطفل عن الحضور أو معاودته التخلف دون عذر مقبول بعد إنذار والده أو المتولى أمره».
رفض «الشيوخ» لقانون الثانوية العامة
ورفض مجلس الشيوخ فى دور الانعقاد الأول بتاريخ 19/4/2021 مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 129 لسنة 1981 الخاص بتعديل نظام الثانوية العامة.
ورغم أن رأي مجلس الشيوخ غير ملزم لمجلس النواب والحكومة، حيث إن هذا القانون كان مُحال من مجلس النواب للشيوخ لإبداء رأيه فيه وبعد أن أرسل مجلس الشيوخ رأيه إلى النواب بالرفض، قامت الحكومة بسحب مشروع القانون من مجلس النواب بتاريخ 25 مايو 2021 عملًا بالمواءمة، حيث كان من المتوقع أن يتم رفضه من النواب، وبالتالى أثرت الحكومة سحبه ولا تلقى الرفض مرتين.
وكان مشروع القانون يهدف إلى تعديل نظام المرحلة الثانوية العامة؛ ليصبح بنظام الثلاث سنوات ويحتسب المجموع الكلى على أساس ما يحصل عليه الطالب من درجات فى نهاية كل سنة دراسية من السنوات السابقة، ويتيح مشروع القانون للطالب بأن يقوم بأكثر من محاولة فى امتحان نهاية العام لكل سنة دراسية، كما يسمح للطالب بأداء امتحانات مرحلة الثانوية العامة إلكترونيا من خلال نظام التابلت، وبموجب المشروع يحق للطالب دخول الامتحان أكثر من مرة على أن تكون المرة الأولى فقط دون رسوم والباقى برسوم دون أن يحدد مشروع القانون قيمة الرسوم المقررة لدخول الامتحان أكثر من مرة بعودة نظام التحسين فى بعض المواد بمقابل رسوم لا تجاوز خمسة آلاف جنيه على المادة الواحدة.
وأكد تقرير لجنة التعليم بالشيوخ أن هذا الأمر يثير شبهة عدم دستورية إذ إنه يتعارض مع مبدأ دستورى وهو مجانية التعليم بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية، ومن ناحية أخرى يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، لا سيما وأن فكرة دخول الطالب لامتحانات تحسين للمجموع كانت تجرى فى الماضى دون أى مقابل مادى إضافى، الأمر الذى ارتأت معه اللجنة أن مشروع القانون يمثل مخالفة صريحة لنصوص الدستور ويعرض القانون لشبهة عدم الدستورية.
المادة 122 من الدستور
من جانبه يقول الدكتور رجب عبد المنعم أستاذ القانون الدستوري، إن الدستور فى المادة «122»، ذكر أن أى اقتراح بمشروع قانون أو مشروع قانون تم رفضه لا يجوز تقديمه مرة ثانية فى دور الانعقاد نفسه، وهذا مفاده أنه يمكن إعادة تقديمه فى دور الانعقاد التالى، متابعًا: «لكن المواءمة تقتضى احترام قرار الرفض الصادر من السلطة التشريعية وعدم تقديم نفس مشروع القانون مرة أخرى فى أى دور انعقاد تالي».
كما تنص المادة 122 من الدستور على أنه لرئيس الجمهورية، ولمجلس الوزراء، ولكل عضو فى مجلس النواب اقتراح القوانين حسب «عبد المنعم».
وأضاف الخبير الدستوري: «يحال كل مشروع قانون مقدم من الحكومة أو من عُشر أعضاء المجلس إلى اللجان النوعية المختصة بمجلس النواب، لفحصه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس، ويجوز للجنة أن تستمع إلى ذوى الخبرة فى الموضوع، ولا يحال الاقتراح بقانون المقدم من أحد الأعضاء إلى اللجنة النوعية، إلا إذا أجازته اللجنة المختصة بالمقترحات، ووافق المجلس على ذلك، فإذا رفضت اللجنة الاقتراح بقانون وجب أن يكون قرارها مسببًا».
واستكمل: «وكل مشروع قانون أو اقتراح بقانون رفضه المجلس، لا يجوز تقديمه ثانية فى دور الانعقاد نفسه»، مشيرًا إلى أن الحكومة تواجه أزمة دستورية في طرح مشروعات تلك القوانين مجددًا على البرلمان خوفًا من الرفض.
على الجانب الآخر يرى اللواء مصطفى كمال الدين حسين عضو المجلس الرئاسي لحزب المحافظين، أن تخوف الحكومة من عدم دستورية قانون الإدارة المحلية وراء رفض التقدم بالمشروع القانون للبرلمان حيث إنه في حالة رفضه من قبل البرلمان فسوف يؤجل لما بعد 2024، نظرًا لوجود شبهات دستورية في القانون المُقدم من الحكومة، أبرزها ضرورة وضع تقسيمات جديدة للحدود الجغرافية للمحافظات، بجانب الفصل في القوانين المنظمة لانتخابات المحليات.
وأشار «كمال الدين» إلى أن هناك تعمدا من الحكومة لإصدار قوانين ليتم رفضها بهدف الإطالة في الوضع الحالي، كما هو الحال بالنسبة لقوانين التعليم.