أهمها سد النهضة ومشروع الضبعة النووي والحرب على الإرهاب..
أخطر 10 ملفات تهدد الأمن القومي بعد غزو روسيا لأوكرانيا
ترتبط مصر بعلاقات سياسية واقتصادية وعسكرية استراتيجية وقوية مع كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية، لا سيما الدول الأوروبية المؤثرة على الساحة العالمية مثل فرنسا وألمانيا وإنجلترا.
الأزمة الروسية الأوكرانية
وهناك تشابك بين مصر وهذه الدول في الكثير من الملفات الساخنة والحساسة والجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، والتي تؤثر بشكل مباشر على أمن مصر القومي، أبرزها، الملف الليبي والفلسطيني والسوري واليمني، وملف العلاقات العسكرية، كما تلعب هذه الدول دورًا مهمًا ومؤثرًا في ملف سد النهضة الإثيوبي، وهو الملف الذي يؤثر بشكل مباشر على أمن مصر المائي.
كما ترتبط مصر بمصالح اقتصادية كبيرة مع هذه الدول، لا سيما الجانب الروسي، حيث تقوم روسيا بتنفيذ المحطة النووية في منطقة الضبعة، وهو الحلم الذي ينتظره المصريون منذ عقود، كما تمتلك روسيا استثمارات بمليارات الدولارات في المنطقة الحرة لقناة السويس، ويمثل السياح الروسي رقمًا مهمًا في الميزان التجاري لمصر وتوفير العملة الصعبة، كما أن التحالف العسكري بين مصر وروسيا في مجال مكافحة الإرهاب ومحاربة الجماعات المتطرفة أصبح مثال يحتذى به، وكلها ملفات ومصالح تؤثر بشكل مباشر على الأمن القومي المصري.
وهو ما استدعى «النبأ» لإثارة السؤال الأهم المتعلق بالنتائج المترتبة على موقف مصر التاريخي بإدانة الضربات العسكرية الروسية لأوكرانيا في الأمم المتحدة، وإلى أي مدى سوف تؤثر الحرب بالوكالة بين روسيا وكل من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، والتي تدور رحاها على الأراضي الأوكرانية، على كل هذه الملفات المشتركة؟.
تصويت مصر ضد روسيا
أعلنت وزارة الخارجية، برئاسة سامح شكري، الأسباب التي دفعت مصر إلى التصويت في الأمم المتحدة، بإدانة الضربات الروسية في أوكرانيا.
وأوضحت الوزارة أن مندوب مصر الدائم في نيويورك شرح تصويت مصر حول القرار الصادر عن الجمعية العامة بشأن أوكرانيا، قائلًا إن «تصويت مصر جاء انطلاقا من إيمانها الراسخ بقواعد القانون الدولي ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة».
وأوضح البيان أن البحث عن حل سياسي سريع لإنهاء الأزمة عبر الحوار وبالطرق السلمية ومن خلال دبلوماسية نشطة يجب أن يظل نصب أعيننا جميعا، والهدف الأساسي للمجتمع الدولي بأسره في التعامل مع الأزمة الراهنة، ومن ثم يتعين إتاحة الحيز السياسي الكفيل بتحقيق ذلك الهدف الأساسي.
وأكدت مصر أنه لا ينبغي غض الطرف عن بحث جذور ومسببات الأزمة الراهنة، والتعامل معها بما يضمن نزع فتيل الأزمة وتحقيق الأمن والاستقرار.
وأكدت مصر رفضها نهج توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولي متعدد الأطراف، من منطلق التجارب السابقة، والتي كان لها آثارها الإنسانية السلبية البالغة، وما أفضت إليه من تفاقم معاناة المدنيين طوال العقود الماضية.
وذكرت أنه من الواجب أن تتحلى كل الأطراف بالمسؤولية الواجبة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية لكل محتاج، دون أي تمييز أي كفالة مرور المقيمين الأجانب بانسيابية عبر الحدود، حيث وردت بعض التقارير عن معاملات تمييزية.
وجددت مصر التحذير من مغبة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الراهنة على الاقتصاد العالمي برمته، والذي ما زال يعاني من تداعيات الجائحة، ولعل الاضطراب المتزايد في سلاسل الإمداد وحركة الطيران الدولي أبلغ دليل على ذلك، حسب البيان.
وذكر البيان أن فاعلية ومصداقية قدرة آليات العمل الدولي متعدد الأطراف في مواجهة التحديات والأزمات المتلاحقة إنما يعتمد على تناول جميع الأزمات الدولية، وفقا لمعايير واحدة وثابتة متسقة مع مبادئ الميثاق ومقاصده، دون أن تمر عقود تم خلالها تكريس الأمر الواقع والمعاناة الإنسانية.
وكانت مصر قد أكدت على لسان، مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة فى نيويورك، السفير أسامة عبد الخالق، عن أنها تتابع بقلق بالغ التطورات الأخیرة، والتي باتت تنذر بالمزيد من التصعيد وخروج الأمور عن السيطرة والقدرة على الاحتواء.
وشدد وفد مصر خلال جلسة مجلس الأمن، على ضرورة العمل على التهدئة، وعدم التصعيد وتغليب الحلول الدبلوماسية وتكثيف المساعي السياسية وإبداء المرونة الواجبة من جانب كافة أطراف الأزمة، بهدف سرعة تسوية الأزمة سياسيًا بما يخاطب شواغل كل الأطراف.
وحذر السفير أسامة عبد الخالق من مغبة الآثار الإنسانية والاقتصادية والسياسية للأزمة.
وناشدت مصر عبر ممثلها كل الأطراف المعنية إعلاء صوت الحكمة والرشد والتحلي بالمسئولية الواجبة، لخلق المناخ المواتي لإيجاد تسوية للأزمة الراهنة.
سياسة تقوم على الأخلاق
يقول السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الموقف المصري من الأزمة الأوكرانية متوازن جدًا، مشيرًا إلى أن مصر ضد احتلال دولة لدولة جارة لها، لافتًا إلى أن موافقة مصر على ما يقوم به الروس في أوكرانيا من منطلق أنهم أصدقائنا ونحصل منهم على القمح، يعني أن مصر موافقة على غزو العراق وعلى ما يحدث في فلسطين وعلى احتلال الجولان من قبل إسرائيل.
وأوضح أن السياسة الخارجية المصرية تقوم على الأخلاق وليست سياسة ميكافيلية، وكل من خالف السياسية المصرية طبقها بعد عشرات السنين، على سبيل المثال الأمريكان عادوا مصر بسبب علاقتها مع الصين في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، الصين أصبحت الآن أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف «بيومي»، أن مصر ضد احتلال دولة لأراضي دولة جارة، ولكن في نفس الوقت هو يرى أن الغرب تمادى في تحدي كرامة الروس، ونسى أن «بوتين» ليس جورباتشوف، وأن روسيا الآن ليست هي روسيا في عهد جورباتشوف، فروسيا أصبحت أقوى اقتصاديًا، مشيرًا إلى أن ما يحدث في الصراع الروسي الغربي هو العودة لسياسة «حافة الهاوية»، مؤكدًا على أن الروس لن يضحوا بعلاقتهم مع مصر بسبب إدانتها لغزو أوكرانيا، لا سيما وأن الروس في موقف لا يسمح لهم بخسارة المزيد من الدول، مستبعدًا أن يؤثر الموقف المصري مما يحدث في أوكرانيا على التعاون بين البلدين في ملفات مثل، سوريا وليبيا واليمن، لافتًا إلى أن الروس سوف يفصلون بين موقف مصر تجاه غزوهم لأوكرانيا ومصالحهم مع مصر في الكثير من ملفات المنطقة.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، على أنه من المستحيل أن يؤثر الموقف المصري على المشروع النووي في الضبعة الذي ستقوم روسيا بتنفيذه، مشيرًا إلى أن روسيا سوف تحصل على ما يقرب من 30 مليار دولار من هذا المشروع، وبالتالي من المستحيل أن تضحي بهذا المبلغ الضخم، لافتا إلى أن قيمة هذا المشروع في 1985 كانت حوالي 2،3 مليار دولار، موضحا أن الموقف المصري سوف يكون له تأثير إيجابي على العلاقات بين مصر وكل من الولايات المتحدة الأمريكية والأوربيين.
وأوضح أن أكثر من 70% من تصويت مصر في المنظمات الدولية والإقليمية ضد الولايات المتحدة أو عكس تصويتها، لافتا إلى أن الاتحاد الأوروبي يقدر كثيرًا دور مصر في مكافحة الجريمة المنظمة ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وغسيل الأموال، مستبعدًا أن يؤدي هذا الموقف المصري إلى تخفيف الضغوط الأمريكية والغربية على مصر في ملف حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن هذه الدول ملتزمة دستوريًا وبرلمانيًا على فتح هذا الملف، لكن مصر تتعامل بندية في هذا الملف في الغرف المغلقة، لافتًا إلى أن حقوق الإنسان بالنسبة لأمريكا والغرب هي حقوق المثليين جنسيًا والعلاقات غير المشروعة، مؤكدًا على أن مصر ملتزمة بحقوق الإنسان طبقًا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وشدد «بيومي»، على أن الحل الأمثل الذي يتوقعه هو أن يوقف الغرب مسألة ضم أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، ووقوفها على الحياد بين روسيا والغرب، مقابل أن يقوم الروس بوقف الحرب والانسحاب من أوكرانيا، مع ضرورة تكثيف الدبلوماسية ودخول أطراف خارجية مثل مصر واليابان كوسطاء لحل هذه الأزمة، مؤكدًا على أن طريقة اتباع أمريكا والغرب لسياسة «الكيل بمكيالين» ليست جديدة وهي موجودة ومستمرة والغرب معترف بها، مشيرًا إلى أن الإعلام الغربي يحاول إظهار الصراع على أنه بين «الديمقراطيات والديكتاتوريات»، من أجل تحسين بضاعة الغرب، لافتًا إلى أن الدبلوماسية المصرية معروف عنها أنها دبلوماسية «رذلة»، وتتعامل مع الدول الأخرى بندية.
مصلحة الروس
ويقول السفير محمد الشاذلي، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إنه مع إدانة مصر للغزو الروسي لأوكرانيا، لكنه ضد إغفال الأسباب التي أدت إلى هذه التداعيات أو إلى هذا الغزو الروسي، لا سيما وأن هناك ظروفًا مشابهة في المنطقة العربية، فمثلًا مصر ترفض تواجد قوات غير صديقة على حدودها الغربية والرئيس عبد الفتاح السيسي وضع سيرت والجفرة خط أحمر، وإثيوبيا تصعد الأمور التي يمكن أن تصل إلى مواجهة عسكرية، وهذا ما تفعله روسيا في موضوع أوكرانيا، وبالتالي إدانة الغزو الروسي يتطلب أيضًا إدانة التداعيات التي أدت إلى هذا الغزو.
وأكد أن إدانة مصر للغزو الروسي لأوكرانيا لا يمثل انحيازًا لأمريكا والغرب كما يعتقد البعض، مشيرًا إلى أن مصر هي التي وضعت مصطلح «عدم الانحياز»، لافتًا إلى أن مصر تدرس الموقف ثم تقيمه بشكل موضوعي، مشددًا على أن قيام دولة بغزو دولة جارة هو عمل ضد ميثاق الأمم المتحدة وضد القانون الدولي، وهذا ما قامت مصر بتطبيقه من خلال إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأشار عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إلى أن قيام أمريكا والغرب باستقطاب الدول التي تقع على حدود روسيا والتي كانت في حلف وارسو، إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو»، لن يدعم الأمن الغربي، لافتًا إلى أن روسيا دولة عظمى وقوية وذات إمكانيات هائلة وبالتالي فرض عقوبات على روسيا بعد أن فشلت سياسة العقوبات الغربية على دول مثل كوبا وإيران وكوريا الشمالية، هو كلام هزلي.
واستبعد «الشاذلي»، أن يكون لهذا الموقف تأثير على العلاقات المصرية الروسية، مشيرًا إلى أن روسيا في هذه الظروف تدرك أنها في حاجة إلى أصدقاء وليس في حاجة إلى التصعيد مع مصر، لافتًا إلى أن هناك مصالح مشتركة وهامة تربط الدولتين، هناك صفقات سلاح وهناك تعاون في مجال السياحة بالإضافة إلى التعاون في المجال النووي، وبالتالي ليس من مصلحة روسيا أن تصعد مع مصر، مشيرًا إلى أن الغالبية العظمى من دول العالم صوتوا ضد روسيا.
وأكد أن مصر صوتت ضد فكرة أن تقوم دولة بغزو دولة أخرى، وهذا الموقف في كل الأحوال لا يمثل انحيازا للموقف الأمريكي، ولكنه انحياز للموقف الدولي وللقانون الدولي، موضحًا أن الولايات المتحدة ستحاول استغلال هذا الموقف سياسيًا وإعلاميًا، لكن الخطاب الأمريكي الإعلامي والسياسي أصبح مرفوضًا في العالم كله، فالولايات المتحدة نسيت ما فعلته لأطفال العراق وأفغانستان وفيتنام وأصبحت تتباكى على أطفال أوكرانيا، وهذا الحديث أصبح غير مقبول بالمرة، وأمريكا تزعم أنها تدافع عن الديمقراطية في أوكرانيا رغم أن النظام الموجود في أوكرانيا غير ديمقراطي، وبالتالي الخطاب السياسي والإعلامي في الولايات المتحدة الأمريكية أصبح مرفوضًا في العالم كله، وأصبح مفضوحًا وغير مؤثر وغير مجدي وغير مصدق.
وأضاف مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والغرب لا تكترث بقرارات الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، مشيرًا إلى أن إسرائيل صدر ضدها عشرات القرارات من الأمم المتحدة ولم يتم تنفيذها، مستبعدًا أن يؤثر القرار المصري على التعاون المشترك بين مصر وروسيا في ليبيا أو سوريا أو غيرها من ملفات المنطقة، مؤكدًا على أن روسيا ليست في وضع يسمح لها أن تأخذ موقف ضد كل من صوت ضدها أو أدان غزوها لأوكرانيا أو غرد خارج السرب الروسي.
وأشار «الشاذلي» إلى أن الأغلبية الساحقة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة صوتت ضد روسيا، وهناك دولًا صديقة لروسيا تحفظت على القرار، وبالتالي ليس من الفطنة السياسية أو الذكاء السياسي أن تقوم روسيا بالتصعيد مع هذه الدول، لأن هذا التصعيد سيكون في غير صالحها، موضحًا أن شكل الشرق الأوسط لن يتغير وسيظل هلاميا ومشوها ما دام أن العرب يعتمدون على تحالفات مع قوى خارجية مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وإيران، وأنه دون وجود جبهة عربية موحدة ستظل المنطقة العربية نهبا مثل «ريشة في مهب الريح» لكل من يلعب في الشرق الأوسط، مستبعدًا اندلاع حرب عالمية أو نووية نتيجة هذه الأزمة.
ولفت إلى أن الحرب في أوكرانيا هي بداية لحرب باردة جديدة، وستظل هذه الحرب مشتعلة لمدة عشرين عامًا، وسوف تتحول إلى حرب بالوكالة كما يحدث في سوريا وليبيا، وسوف تنتقل إلى مناطق النفوذ التابعة لروسيا في العالم، مستبعدا نشوب حرب عالمية ثالثة أو حرب نووية، مشيرًا إلى أن روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والغرب أدركوا منذ وقت مبكر بعد الحرب العالمية الثانية أن الحروب الشاملة بين الكبار سوف تؤذي الجميع، وبالتالي هم لن يقعوا في هذا الخطأ مرة أخرى، وسوف تظل هذه الحرب بشكلها الذي كان سائدا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وأكد أن هزيمة روسيا في هذه الحرب سوف تكون لها آثار سلبية جدًا على مستقبل بوتين السياسي، مستبعدًا أن يكون الغرب قد استدرج روسيا إلى الحرب في أوكرانيا من أجل إغراقها في مستنقع جديد، لافتًا إلى أن اقتراب الناتو من حدود روسيا هو السبب الرئيسي للغزو الروسي لأوكرانيا، موضحًا أن الدبلوماسية تظل عملية قائمة ومستمرة ولا تتوقف حتى في أوقات الحروب.
مصالح كبيرة
ويرى السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن المصالح بين الدول أقوى بكثير من التصويت على قرار معنوي لن يكون له أي قيمة على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن مصر صوتت لصالح القرار الأمريكي حتى لا تتناقض مع المبادئ التي تطالب باحترامها، والتي تتمثل في عدم الاعتداء المسلح على الدول وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول.
ولفت إلى أن بيان الخارجية أحدث نوعا من التوازن في الموقف المصري، حيث أكد على أن مصر تحترم مبادئ الأمم المتحدة وميثاقها القائم على احترام سيادة الدول واستقلاها وعدم التدخل في شئونها، ومن ناحية أخرى نص على عدم استخدام العقوبات الاقتصادية خارج اطار مجلس الأمن، وبالتالي البيان جاء متوازنا إلى حد بعيد.
وأكد «حسن» على أن الموقف المصري لن يكون له تأثير على مشروع محطة الضبعة النووية، ولن يكون له تأثير على العلاقات المصرية الروسية في أي ملف من ملفات المنطقة، مشيرًا إلى أن هناك مصالح مشتركة كثيرة بين مصر وكل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، لذلك كان بيان وزارة الخارجية متوازن ومحايد إلى حد كبير.
ولفت إلى أن الموقف المصري كان ضروريًا ولم يكن له تأثير على الأرض لأن روسيا لن تقوم بتنفيذه أو التوقف عن الحرب، مؤكدًا على أن المصالح الكبيرة بين مصر وروسيا سوف تستمر ولن تتأثر بموقف مصر من الأزمة الأوكرانية، ولم يستبعد أن تنتهي الأزمة عبر التفاوض، مشيرا إلى أن هناك 3 مستويات للتفاوض، الحد الأعلى، والحد الوسط، والحد الأدنى.
وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن المفاوضات تبدأ دائمًا من الحد الأعلى، لافتا إلى أن الشروط التي وضعتها روسيا لوقف الحرب والتي تتمثل في نزع سلاح أوكرانيا وعدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو والوقوف على الحياد والاعتراف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم، هذه الشروط كلها قابلة للتفاوض، ولكن الجانب الروسي لن يتنازل عن ثلاثة شروط هي، التعهد بعدم انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، واعتراف الجانب الأوكراني بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، وتحويل أوكرانيا إلى دولة محايدة، أما باقي الشروط مثل، نزع سلاح أوكرانيا والقضاء على النازيين الجدد أو القوميين المتطرفين وغيرها من الشروط فهي موضع تفاوض ويمكن التوصل فيها إلى حلول وسط.
وأشار إلى أنه في حال عدم موافقة الجانب الأوكراني على تلبية الشروط الروسية الثلاثة والتي تتمثل في عدم الانضمام لحلف الناتو والوقوف على الحياد والاعتراف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم، فسوف تستمر روسيا في الضغط العسكري واحتلال المزيد من المدن، مستبعدًا نشوب حرب عالمية ثالثة أو حرب نووية، مؤكدا على أن العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو بسبب تدخلها العسكري في أوكرانيا لن يكون له تأثير كبير على روسيا، لأن روسيا تعودت على التعامل مع مثل هذه العقوبات.
وأضاف «حسن» أن العالم كله بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والغرب سوف يتأثر بهذه العقوبات، مشيرا إلى أن روسيا عضو في تكتل «البريكست»، الذي يضم الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، بالإضافة إلى أن هناك اعتراض من بعض الدول الأوربية على فرض عقوبات على قطاع الغاز الروسي، وهو أهم قطاع بالنسبة للاقتصاد الروسي مع البترول والسلاح والقمح.
ولفت إلى أن تدخل الناتو في أوكرانيا يمثل أكبر إهانة لروسيا، منوهًا أن هذا الصراع سوف ينعكس على العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة في ملفات كثيرة حول العالم مثل، ملف الاتفاق النووي مع إيران، والوضع في سوريا، لا سيما وأن الوضع في سوريا تتدخل فيه إيران وحزب الله وإسرائيل، لذلك تقوم إيران بالوساطة بين روسيا وأوكرانيا من أجل تجنب الغضب الروسي، مؤكدا أنه لن يكون لهذا الصراع تأثير في الملف الليبي لأن هذا الملف تتداخل فيه الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية والداخلية وهي أكبر تأثيرًا من الدور الروسي.
وأوضح أن التأثير على الأزمة السورية سيكون أكثر، مؤكدا على عدم وجود تأثير للأزمة الأوكرانية على ملف سد النهضة، مشيرا إلى أن حل أزمة سد النهضة يتوقف على مدى استجابة الجانب الإثيوبي، وعلى وساطة الاتحاد الأفريقي.
وأكد السفير رخا أحمد حسن، على أن الموقف الروسي من أزمة سد النهضة هو الوقوف على الحياد، من خلال المطالبة بجلوس جميع الأطراف على طاولة المفاوضات، لافتًا إلى أن شكل العالم لن يتغير بعد الأزمة الأوكرانية، مشيرًا إلى أن شكل العالم لم يتغير بعد انسحاب أمريكا من أفغانستان كما كان يعتقد البعض.
وأنهى «حسن» حديثه لـ«النبأ» مؤكدًا على أن أمريكا كانت سوف تتخذ نفس الموقف الذي اتخذته روسيا في أوكرانيا لو قامت مثلا المكسيك أو كندا بالانضمام لتحالف عسكري ضد أمريكا، متوقعًا أن تكون لروسيا مكانة أقوى في العالم بعد الأزمة الأوكرانية، كما توقع أن يصبح العالم متعدد الأقطاب، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تحارب في أوكرانيا من خلال الضغط الاقتصادي والمالي والإعلامي والسياسي، لكن روسيا لم تخضع لكل هذه الضغوط وتواصل الرد عليها من خلال تحقيق مكاسب عسكرية على الأرض.