أُخاطب القارئ «النص نص» بقصصي.. عندما قطّع يوسف إدريس غلاف «أرخص ليالي»
على الرغم من شهرة المجموعة القصصية «أرخص ليالي» لرائد فن القصة القصيرة المصرية يوسف إدريس (19 مايو 1927 - 1 أغسطس 1991) إلاَّ أن هناك حكايةً غير مرويةٍ على نطاقٍ واسعٍ عن مجموعة «أرخص ليالي» والتي أحدثت ضجةً في الحياة الأدبية المصرية، وهي تلك الحكاية المتعلقة بغلاف المجموعة، والخطأ اللغوي الشهير بها، ومعركة الكاتب الدكتور يوسف إدريس بسببه.
قصة غلاف مجموعة أرخص ليالي كما يرويها سليمان فياض
في كتابه «ألاعيب الذاكرة.. بورتريهات» والصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، يروي الكاتب الكبير سليمان فياض (7فبراير 1929 -26 فبراير 2015) قصة غلاف مجموعة «أرخص ليالي»، أول مجموعة قصصية لـ يوسف إدريس، كاشفًا عن أنَّ تلك القصة ترددت بقوةٍ على مقاهي الأدب بالقاهرة، بميدان التحرير، وباب اللوق، وسليمان باشا وشارع مراد، وميدان الجيزة.
يقول «فياض» إنَّ المصحح الخاص بالمطبعة عدَّل عنوان المجموعة من «أرخص ليالي» إلى «أرخص ليالٍ»، الأمر الذي تسبب في انفجار الأديب يوسف إدريس، الذي كان وقتها كاتبًا مجهولًا، وجرى طبع هذا الغلاف بالفعل.
غضب يوسف إدريس من غلاف مجموعة أرخص ليالي
لم يصمت يوسف إدريس أو «كاتب قصص البراويز» كما كان يُطلق عليه الكاتب سليمان فياض؛ بل أصر على إلغاء الغلاف كله، وفرض العنوان الذي كتبه بيده: «أنا كتبت العنوان (أرخص ليالي) المصحح شال الياء. وزاد فوضع تحت اللام كسرتين، يفهما القارئ (النص نص) في مصر إزاي، وأنا أخاطب بقصصي هذا القارئ النص نص بالذات».
يذكر «فياض» في كتابه «ألاعيب الذاكرة» أنَّ المتواجدين في المجلس انفجروا ضاحكين بعد انتهاء يوسف إدريس من هذه الحكاية، وقال أحدهم من شهود العياد على الواقعة وما فعله إدريس: «يوسف ضرب المصحح وقطع الغلاف. غلاف غلاف».
مجموعة أرخص ليالي تُحدّث ضجةً في الحياة الأدبية المصرية
يكتب «فياض»: «أحدثت مجموعة (أرخص ليالي) ليوسف إدريس ضجة في الحياة الأدبية بالقاهرة، وتناقل القارئون الأخبار عنها. وابتلع الكل طعم الجرأة على ياء العنوان. ولم ينافسه في هذه الضجة سوى الأصداء التي أثارتها ثلاثية نجيب محفوظ: بين القصرين، قصر الشوق، السكرية».
ويتابع: «وبدا عالم القصة القصيرة والرواية وكأنه يولد أخيرًا، ولأول مرة في سنوات الخمسينيات من القرن العشرين فقد صدرت بعدهما مجموعة قصصية طيبة وبالغة الجدة في تجاربها وفي لغة القص بها لإدوار الخراط بعنوان: حيطان عالية، وكان يحيى حقي هو فاتحة هذا العنفوان في القص بروايته القصيرة: قنديل أم هاشم، ومجموعته القصصية: دماء وطين، وقبلها كانت رواية مليم الأكبر لعادل كامل،وخان الخليلي وزقاق المدق والقاهرة الجديدة لنجيب محفوظ.. وبدت لي مسيرة القص في مصر حافلة بالوعود، بقيتُ بها قارئًا، أو شاركت فيها بإبداع ما».