3 أسباب وراء أزمات التحول الرقمى وتعطيل مصالح المواطنين
مازالت جملة «السيستم واقع» تتردد على المواطنين، داخل المصالح والهيئات الحكومية، أو المواقع الخدمية التى تخصصها الدولة لراغبي إنهاء أو استخراج بعض الأوراق، والتي يتفاجأ المواطن باستحالة الوصول إليها بدعوى تعطله بسبب كثرة الضغط عليه، أو وجود مشكلات تقنية، الأمر الذي يكشف عن أزمة كبيرة تواجه التحول الرقمي رغم ما تتخذه الدولة من خطى سريعة نحو هذه المنظومة، وما تتكبده من مليارات الجنبهات في سبيل ذلك.
وعلى مدار الفترة الماضية، شهدت مصر الكثير من الوقائع التى تكشف عن ذلك الخلل الذي يشكل تهديدًا حقيقيا، والذي دفع بعض النواب بالتقدم بطلبات إحاطة.
فرغم النفقات التي تكبدتها الحكومة على مستوى التحول الرقمي في المنظومة التعليمية، إلا أنه حسب متخصصين، فقد أثبتت منظومة التابلت، والامتحانات الإلكترونية فشلها على مدار الأعوام السابقة، كان آخرها سقوط سيستم امتحانات الصفين الأول والثاني الثانويين 2022.
واشتكى عدد من الطلاب وأولياء أمورهم من وجود مشكلات تقنية في الوصول لمنصة الامتحانات الجديدة، حيث أكد عدد منهم عدم فتح الامتحان من الأساس، فيما قال البعض الآخر إنهم فوجئوا بغلق الامتحان في أثناء الإجابة خلال الفترة الصباحية، ما أدى إلى تحرير عدد من المحاضر بالواقعة لإجراء «امتحانات بديلة».
شكاوى المواطنين
كما تقدم النائب المهندس إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بمجلس النواب، والخاص بصعوبة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة على الموقع الإلكتروني المُخصص لذلك.
وأشار النائب إيهاب منصور، إلى أنه تلقى العديد من شكاوى المواطنين بشأن عدم فتح الموقع للعمل أو تعطله لفترات طويلة للاستعلام.
وكان النائب قد تقدم بطلبات إحاطة خاصة مماثلة تخص مشاكل المواقع الخاصة بتسجيل بطاقات الخدمات المتكاملة لذوى الإعاقة، وكذلك السقوط المتكرر لسيستم التابلت لوزارة التربية والتعليم؛ مما أدى إلى الاستغناء عنه مؤخرًا، والاستعاضة عنه بالامتحانات الورقية.
وأشار «منصور» إلى أن الأمر يحتاج إلى وقفة جادة ودراسة وبحث أسباب سقوط أو توقف المواقع المختلفة، حيث أن ذلك يؤثر بشدة على مصالح المواطنين ويخلق حالة من الحنق الشديد.
وأكد رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أنه سيطالب وبشدة أن تقوم وزارة الاتصالات والوزارات المعنية بالتنسيق فيما بينها لحل هذه المشاكل لأنه لا يعقل أننا فى عام 2022 ودول كثيرة سبقتنا فى التطور التكنولوجى ومازال لدينا معاناة في جميع مناحي الحياة في استخدامات المواقع الإلكترونية في أغلب الوزارات المعنية سواء الصحة أو التضامن أو التعليم.
وتأتي هذه الأزمات في ظل ما تحشده الدولة من إمكانيات بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي أعلن منذ فترة قصيرة عن إطلاق منصة «مصر الرقمية» لإتاحة الخدمات الإلكترونية لكافة فئات الشعب.
وقال الرئيس السيسي، إنه إيمانا بأهمية بناء دولة رقمية عصرية حديثة وحرصًا على تيسير إتاحة الخدمات الإلكترونية لكافة فئات الشعب المصري، أعلن الإطلاق الرسمي لمنصة «مصر الرقمية».
منصة مصر الرقمية
بدوره، قال المهندس أحمد تمين، المدير التقني لبرنامج مصر الرقمية، إن مركز البيانات الضخمة في العاصمة الإدارية، سيستوعب كل المواطنين بعد تسجيل بياناتهم على المنصة، لأن كل الخدمات أصبحت رقمية، ويمكن للشخص الاتصال بالرقم المساعد لمنصة مصر الرقمية، ويجب امتلاكه رقم تليفون خاص به، مسجل باسمه ليستقبل كل شيء.
وأضاف «تمين»، خلال تصريحات له، أن قريبًا كل الخدمات التي ستحتاج التوقيع على الأوراق في الواقع ستتحول إلى التوقيع الإلكتروني للتسهيل على الآخرين، وستطبق أول خدمة عبر هيئة التأمينات الاجتماعية، دون الحاجة للنزول وتقديم أوراق.
وأوضح المدير التقني لبرنامج مصر الرقمية، أن الدولة تبذل مجهودًا في توفير الفاتورة الإلكترونية، والإقرارات الضريبية والتأمينات، وسيكون كل تعامل إلكتروني مع توافر البيانات عن مختلف الخدمات، موضحًا أن رئيس الحكومة والوزراء، يتابعون بشكل لحظي الخدمات التي تتم عبر مصر الرقمية، وأي تطور أو تقصير إلكتروني يحدث من أجل الوصول إلى أفضل مستوى.
ولفت إلى أن هناك شركات محلية ودولية، تعمل في تطوير منصة مصر الرقمية باستمرار، مبينًا أن مراكز البيانات مؤمنة بشكل كامل وربط 33 ألف مبنى حكومي بخطوط ضوئية حتى تختفي جملة «السيستم واقع».
الحاجة إلى التدريب
وفي السياق، قال الدكتور أسامة مصطفى خبير تكنولوجيا المعلومات، إن مصر تسير في التحول الرقمي الكامل، ولكن أي شيء في بدايته لا بد وأن يواجه عوائق، مشيرًا إلى أن معظم المشكلات في مصر تتمثل في العنصر البشري، يليها البنية التحتية، ويعقبها التكلفة.
وأضاف في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن حل تلك التحديات ينجز هدف التحول الرقمي الكامل في أسرع وقت، متابعًا: «الموظفين الحكوميين بحاجة للتدريب باعتباره نظام دخيل عليهم».
وتابع: «إشكالية أخرى ترتبط بأن هناك مقاومة من قبل العنصر البشري للنظام الرقمي والتحول التكنولوجي، خاصة أن هناك ثقافة خاطئة لدى معظم الناس تعتقد أن الآلة ستحل مكانهم، وبالتالي يراه عدوه، خاصة أنه لم يتدرب عليها، بالإضافة إلى أن هناك آخرين يستفيدون من البيروقراطية والفساد، والتي يهدد بقاءها التحول الرقمي».
وأوضح أن الإشكالية تتعلق بالبنية التحتية بما يتيح عمل سيرفرات ضخمة حتى لا نواجه وقوع الشبكة، وسقوط السيستم وهو يحتاج لوجود كابلات ضخمة بمليارات الجنيهات، وميزانية كبيرة.
وأشار خبير المعلومات، إلى أن أي قيمة يتم صرفها على هذا التحول فإنه ستعود أضعافها على الدولة، خاصة أنه يوقف نزيف الفساد، بالإصافة إلى المزايا الأخرى.
نتائج مذهلة
من جانبه، قال عزيز سابق، عضو لجنة الاتصالات بمجلس النواب، إن مصر تحرز تقدمًا كبيرًا في مجال التحول الرقمي، مشيرًا إلى أن المشكلات المرتبطة به تحدث في حالات قليلة، ولا بد منها خاصة أننا مازالنا في البداية، وإن كنا نحقق نتائج مذهلة.
وأضاف «سابق» في تصريحه لـ«النبأ» أنه من خلال زيارتي المختلفة وإطلاعي على تجارب الدولة فإن كلمة «السيستم واقع» تحدث في كل جميع أنحاء العالم وليس في مصر فقط، ولكن هذا لا يعنى القول بأن التحول الرقمي غير جيد.
وتابع، أن التحول الرقمي في مصر وصل لمعظم المصالح الحكومية، وبه كثير من المزايا التى تتعلق بتوفير الوقت وتسهيل جميع الإجراءات.