اللواء رأفت الشرقاوي يكتب: كواليس أزمة الكتاكيت والتمهيد لدعوات 11 نوفمبر
مع بداية عام ٢٠٢٠ عصفت العالم أزمة لم يسلم منها حتى الآن، وهى أزمة كورونا التى تسببت فى وفاة وإصابة الملايين من البشر، فى كل بقاع الأرض، وبكى الناس منها، وذاقوا مرارة الآلم لفراق الأحبة، والأصحاب من جانب، ومن هزة عنيفة كادت ان تقضى على اقتصاديات العديد من الدول، إلى أن منّ الله علينا من عنده برفع هذا البلاء، حتى وإن كانت هناك بعض التوابع التى يعانى منها العالم حتى الآن.
أزمة الكتاكيت والحرب الروسية الأوكرانية ودعوات 11 نوفمبر
ولم يفرغ العالم من أزمة كورونا؛ حتى هبت الحرب الروسية الأوكرانية مع بداية عام ٢٠٢٢، وهنا كانت الطامة الكبرى التى هوت باقتصاديات الدول العظمى قبل الدول النامية، وأثرت على أسعار جميع السلع التى يتعامل فيها المواطن يوميا لدرجة صعبة للغاية، وهنا لم تقف الدولة المصرية مكتوفة الأيدى، حيث أمر الرئيس عبدالفتاح السيسى بتشكيل خلية أزمة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، وعضوية كافة الوزارات والجهات المعنية، لعدم مساس تلك الأزمة بحياة المواطن المصرى، أو إضافة أعباء جديدة على ميزانية دخل الفرد.
وكان للمتابعة اليومة من القيادة السياسية أعظم الأثر فى وقوف الدولة المصرية شامخة وسط العالم، فى حين أن دول العالم، خاصة أوربا لا يتوافر فيها حتى السلع الأساسية، وهذا ما جعل أعداء الوطن من الجماعة المحظورة الضالة، والمضلة، وأذنابها أن يدبروا ويفتعلوا كافة المشاكل التى تضع الحكومة المصرية فى صورة العجز والفشل، وعدم القدرة على إدارة شئون البلاد، لكنهم فشلوا فى هذة المخططات الكاذبة.
ووقف الشعب خلف قيادته الحكيمة فى مسار التنمية والإصلاح الذى توقف طويلآ أمام الأزمات الطاحنة التى مرت بها البلاد من هزيمة ١٩٦٧، وتحقيق النصر عام ١٩٧٣ مرورا ببداية موجة من التطرف والإرهاب التي عانت منها البلاد، ثم أحداث يناير عام ٢٠١١ التى هزت البلاد هزة عنيفة وكادت أن تقضى على هوية الدولة المصرية حتى تم الخلاص من الجماعة المحظورة الضالة والمضلة.
وبدأت موجة جديدة من العنف المسلح ولم يكن للقيادة السياسية حل سوى طريقين: الأول: دحر الإرهاب، والثانى: التنمية الشاملة والاستثمار فى كافة المجالات، وأصبحت مصر من الدول التى يشار لها بالبنان بعد أن أرست تجربة ناجحة فى مواجهة الإرهاب والتطرف، ليس عن نفسها فقط بل على المنطقة والعالم أجمع، وهذا ما أثار هذة الجماعة التى خرجت من المشهد خاوية الوفاض.
لكن هل الأفاعى دخلت جحورها واقتنعت بالخيبة والخزى الذى قضى عليها فى كل دول العالم؟!، اعتقد لم تدخل جحورها لأن هذه الجماعة مثل الحرباء تتلون حسب كل لون، ودعت المواطنين إلى النزول يوم 11 نوفمبر للاعتراض على سياسة الدولة فى مشهد يكرر نفسه، وهو أحداث ٢٨ يناير ٢٠١١، والذى كلف البلاد خسائر وصلت ٤٥٠ مليون دولار -أي - ما يعادل ١١ تريليون جنيه، ولكن هيهات هيهات لما ترغبون؛ فالشعب المصرى هنا أدرك بعد أن أسقط جماعتكم المحظورة، بخطورة الإرتداد لهذا المشهد مرة أخرى بعد أن رأى بأم عينيه التنمية والاستثمار الذى عم البلاد بكافة محافظاتها، ورفض الدعوات العديدة التى طالبتم بها عبر التسعة سنوات الماضية.
وفى ظل هذا المشهد؛ سادت حالة من السخط العام التي أصابت المصريين من مشاهد إعدام الكتاكيت بالدفن أو الخنق بدعوى عدم وجود أعلاف وارتفاع سعرها إلى الضعف، فقام أصحاب المزارع بإعدام الكتاكيت بحجة عدم توافر العلف لإطعامها فى مشاهد مؤسفة يندى لها الجبين على إزهاق أرواح هذة الكتاكيت، لعدم وجود العلف المتمثل فى الذرة وفول الصويا.
مشهد إعدام الكتاكيت يعد تمهيدًا لدعوات 11/11 التي تدعمها الجماعة المحظورة من الخارج، لكن المشهد المآساوي لطريقة إعدامها هذه جعلتني اذكر ما يفعله الفيل عندما يتم نقله من دولة إلى أحرى عبر الطائرة، حيث نجد أن الفيل لديه رحمة تفوق البشرية.
تتدبر ما يفعله الفيل من رحمة وعطفه وشفقته على الطائر الضعيف الذي حلقه الله سبحانه وتعالى، عندم يتم شحنه بالطائرة من مكان إلى مكان آخر عبر الطائرة، فيتم وضع كتاكيت معه بالقفص حتى لا يثور أثناء إقلاع الطائرة أوسيرها بالجو، لتهدأ من روعته، فلا يثور حتى لا يتسبب في إزهاق روح الكتاكيت الموجودة معه على متن الطائرة، فضلًا عن أن وضع الكتاكيت مع الفيل بالطائرة بهدف أن لا يحدث الفيل أزمة فى توازن الطائرة وهي تسير في الجو، أما نحن البشر فنقوم بخنق وإعدام الكتاكيت دون شفقة أو رحمة بهذه الطريقة المآساوية التي شهدها العالم.
ويشير أحد علماء الأزهر إلى أن الرحمة صفه من صفات الله عز وجل، كما أن سيد الخلق حبينا سيدنا محمد صل الله علية وسلم، أوصنا بذبح الحيوانات بطرق رحيمة، ولا يجوز إعدام اى كائن حى إلا إذا كان يهدد المجتمع، ومن يفعل ذلك فيه آثم على هذا الأمر.
فيما طالب أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الحكومة بضرورة تحديد الأزمة، وأسبابها وطرق علاجها، ووضع الاحتياطات الكافية لعدم تكرارها، لكن رئيس شعبة الدواجن أوضح أن أزمة إعدام الكتاكيت أشد من أزمة انفلونزا الطيور، فضلًا عن أن نقيب الفلاحين ذكر أن حل أزمة الكتاكيت متعلقة بحل ازمة العلف، وطالب بإصدار تشريع يجرم إعدام الكتاكيت، وطالب ايضا جمعية الرفق بالحيوان بالتدخل الفورى ضد هذة الظاهرة الغريبة على مجتمعنا.
كما صرح وزير الزراعة بإن هناك أزمة فى العلف نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، واستيراد العلف منهما، وأن الفيديو المتداول حالة فردية، لكن تم تداوله بطريقة لها أهداف أخرى من إناس لا ترغب فى استقرار البلاد، رغم الأزمة العالمية فى شتى بقاع الأرض.
إلا أن تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى بنفسه على خط الآزمة، ليقضي بتشكيل خلية أزمة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، والذى بدوره عقد اجتماع فورى لحل المشكلة، والتي انتهت إلى القرارات الآتية:
1 - ال‘فراج عن الذرة وفول الصويا بالموانئ بمبالغ وصلت إلى ٤٤ مليون دولار أى ما يعادل ٦٠ الف طن.
2 - الإفراجات تتوالى أسبوعيا بالتنسيق مع الاتحاد العام لمنتجى الدواجن.
3 - مراقبة الكميات التى يتم الافراج عنها.
4 - التوسع فى الزراعة التعاقدية للذرة وفول الصويا، خاصة أن هناك تقاوى تكفى لزراعة ١٥٠ الف فدان، تنسيقا مع الاتحاد العام لمنتجى الدواجن.
وهي القرارات التي أشاد بهارئيس الاتحاد العام لمنتجى الدواجن ونائبه، لسرعة اتخاذها من قبل الدلوة المصرية لحل الأزمة، فضلًا عن بشراه للناس بأن الأسعار ستنخفض فى الفترة المقبلة، وأن مصر حققت الاكتفاء الذاتى من الدواجن ووصل الإنتاج إلى ٩ مليارات و٥٠٠ مليون دجاجة سنويا، وأكثر من ١٣ مليار بيضة.
دعونا ننظر بعين العقل إلى أزمة إعدام الكتاكيت، وما تم الترويح لها بهذة الصورة الكبيرة التى انتشرت انتشار النار فى الهشيم، وتوقيت نشر الفيديو وربط النشر بالأزمة العالمية التى تسود بقاع الأرض، وليس مصر فقط، وحالة عدم الاستقرار فى أوربا وأمريكا فى كافة السلع الغذائية.
اليس منا رجل رشيد يدرك أن تدبير الامور بهذة الصورة، وتصعديها هو حرب من حروب الأجيال التى انتشرت فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن مصر وهى الدولة الوحيدة بالمنطقة التى نجت من مخطط إسقاط الدولة وطمس هويتها.
لا بد أن ندرك حجم المخاطر الذى تتعرض له البلاد بعد أن أصبحت إحدى الدول التى يشار لها بالبنان بعد سيرها فى مسارين: الأول: هو دحر الإرهاب بكافة صوره، والثاني: هو مسار التنمية والاستثمار، لذلك ستتعرض مصر دائما لهجمات شرسة من أعداء الوطن (الجماعة المحظورة وأذنابها) للنيل من استقرار البلاد، ولكن بعون الله تعالى لن ينالوا منها شئ ما دام كان هناك شعب يعشق تراب بلده، ومنهج الوسطية الذى تسير عليه الدولة المصرية من آلاف السنين وتكاتف نسيجها وعدم القدرة على اختراقة.
نشكر الرئيس عبدالفتاح السيسى على تدخله الفوري على خط الأزمة المفتعلة، وسرعة انتباهه لها والتوجيه بسرعة حلها وإنهائها عن طريق تشكيل خلية أزمة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، ووضعت حلول فورية لها، تمثلت بالإفراج الفورى عن ٦٠ ألف طن أعلاف، ومتابعة الإفراج الأسبوعى عن الأعلاف بالتنسيق مع الاتحاد العام لمنتجى الدواجن، ومراقبة توزيع الأعلاف مع التوسع فى الزراعة التعاقدية للذرة وفول الصويا.