توافق ملفت بين مجلسي النواب والدولة ولكن لا حل قريب للأزمة الليبية
تتنافس في ليبيا حكومتان، واحدة بقيادة عبدالحميد الدبيبة ولدت من رحم "اتفاق جنيف" برعاية الأمم المتحدة عام 2021 وترفض تسليم السلطة إلا بعد إجراء انتخابات وطنية، والثانية انبثقت عن اتفاق بين مجلس الدولة والبرلمان يترأسها فتحي باشاغا المعين من قبل البرلمان في فبراير (شباط) الماضي.
وقد أعادت تلك التطورات الجدل من جديد إلى الشارع السياسي الليبي، إذ قال بعضهم إن سقوط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة وارد جدًا في حال توصل كل من مجلس الدولة والبرلمان إلى تشكيل حكومة تكنوقراط تخرج البلد من نفق المراحل الانتقالية التي تعصف به منذ عام 2011، في حين استبعد بعضهم الآخر قدرة هذه التوافقات بين المجلسين على الوصول بالبلاد إلى بر الأمان، حيث استبعد العديد من المراقبين صدق نوايا المجلسين بما يتعلق بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد إذا ما نجحوا بحل مسألة الحكومة.
حيث أبدت القيادية في حزب الجبهة الوطنية فيروز النعاس تعجبها من استمرار تعويل المجتمع الدولي والبعثة على مجلسي النواب والدولة واستمرار تلويح البعض في الوقت ذاته بمعاقبة المعرقلين للحل السياسي.
النعاس وفي تصريح صحفي قالت: “الجميع يعرف جيدًا أن المجلسين سوف ينتهي وجودهما بالساحة السياسية إذا ما أجريت الانتخابات، فكيف يتوقعون منهما أي حل؟”.
ورأت أنه لو وجدت نوايا أميركية ودولية صادقة للضغط بشأن تحقيق الانتخابات، لخضع الجميع منذ البداية لتنظيم الاستفتاء على مسودة الدستور التي أعدت من قبل هيئة منتخبة من الشعب الليبي، منذ عام 2017، متابعة: “للأسف المجتمع الدولي والبعثة تجاهلوا تلك المسودة وبحثوا عن حلول لدى النواب والدولة”.
واتّهم من جانبه عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، عمر النعاس، مجلسي الدولة والنواب بعدم نيتهما الوصول بليبيا إلى دولة الدستور والقانون.
ورأى النعاس عبر حسابه الرسمي “فيسبوك”، أن كلا المجلسين لن يتوافقا على أي صيغة للقاعدة الدستورية، لأن اتفاقهما يعني فقدان امتيازاتهما المحقّقة في الوضع الراهن.
وطالب النعاس بالعمل بمشروع الدستور للخروج بليبيا من مستنقع المراحل الانتقالية، على حد تعبيره.
في المقابل، قال عضو مجلس النواب مبروك الخطابي إن "إمكان التوافق بين المجلسين وارد جدًا، باعتبار أن التوافق ستنتج منه سلطة تنفيذية تتمثل في حكومة تكنوقراط مهمتها الأساس تهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات". واستردك الخطابي قائلًا إن "المشكلة ليست في التوافق بين المجلسين بل في التدخلات الدولية التي ترى في استقرار ليبيا ونهضتها تهديدًا لمصالحها الاقتصادية على المدى البعيد".
وتابع أن "نجاح ليبيا في مسارها الديمقراطي يمكن أن يتسبب في إحراج بعض الدول أمام شعوبها التي ستطالب كغيرها من شعوب العالم بتحقيق الديمقراطية والمشاركة الفعالة في الحكم".
وفي النهاية، يصب كل هذا في مزيد من ابتعاد ليبيا عن فرص الخروج من هذا المأزق الراهن، بل تبدو الأيام المقبلة مثيرة للقلق في ضوء مشهد دولي حافل بالتوتر واحتمالات التصعيد، خصوصًا وان التدخلات الغربية آخذة في التزايد، وكل دولة تدعم طرفًا على حساب الآخر، وفي ظل عدم إمكانية تصور مخرج من الانسداد الراهن لا يمكن ضمان مجلسي النواب والدولة كأجسام بإمكانها العبور بالبلاد إلى بر الأمان.