هزائم 2022 VS خطط 2023..
تفاصيل الخطة «B».. تحركات «النفس الأخير» لإعادة تدوير أحلام الجماعة غير المشروعة
قصة اختراق الجماعة المحظورة روسيا بـ«لوبى أصحاب الذقون المستترة»
استعانة التنظيم الدولى بـ«مسكنات» تقليدية للقضاء على ثورة شباب الإخوان
مفكر استراتيجى يفضح عملية شراء الجماعة «آلة كذب» بمليارات الجنيهات
لغز تقديم مرشد الإخوان قائمة بأسماء «كوادر العنف المسلح» لأجهزة الاستخبارات البريطانية
لا شك في أن الشعوب العربية، والشعب المصري بشكل خاص، كشفوا الوجه الخفي لجماعة الإخوان الإرهابية بعد إتاحة الفرصة لهم للتمكين والقيادة بعد ثورات الربيع العربي.
ومازالت الجماعة تناور سياسيًا، وتسعى جاهدة لتحريك المياه الراكدة وإعادة التمكين مجددًا ليبدأ مشروع الأستاذية «الحلم الأكبر» للمرشد العام والمؤسس للجماعة حسن البنا.
«النبأ» خلال السطور التالية، تحاول فك التعقيدات المتعلقة بملف جماعة الإخوان، وتكشف تحركات «النفس الأخير» للعودة للمشهد العام السياسي العربي، وهي الخطة التي صنفتها أجهزة الاستخبارات الغربية وعدد من المحللين الاستراتيجيين والمراقبين لملف الجماعات الإسلامية والإسلام السياسي بـ«الخطة B» البديلة للعودة للسطح مُجددًا.
وفي الوقت الذي تعاني فيه الجماعة من انشقاق داخلي هو الأضخم من نوعه، تحاول الجماعة لم الشتات وتنظيم الصفوف في العام المقبل 2023، خاصة لما تلاحقه مؤخرًا من هزائم من الحلفاء بالمنطقة كقطر وتركيا.
وتأتي أبرز تحركات الجماعة في 2023، محاولة توفير ملاذات آمنة في قارتي آسيا وإفريقيا، علاوة على إيجاد متنفس جديد لها في تونس، والمشاركة المستترة للجماعة في منتدى كوالالمبور بنسخته الأخيرة في تركيا، ومناقشة إمكانية إعادة تدوير العمل العنيف.
حلم الأستاذية
من جانبه يرى الخبير العسكري والمفكر الاستراتيجي، اللواء عبد الرافع درويش، أن الجماعة لن تتخلى أبدا عن تحقيق حلم الأستاذية، فالجماعة تعمل جاهدة منذ عقود طويلة على أن يكونوا أساتذة العالم بالإضافة إلى تمكينهم من الحكم في المنطقة العربية.
وأوضح «درويش» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الإخوان انهزموا في مصر بعد وصولهم لمرحلة التمكين من الحكم، مؤكدًا أن موقف الدول العربية حاليًا من الجماعة جيد جدًا بعد لفظهم بشكل كبير لكنهم يحكمهم دستور ولن ينسوا فكرة التمكين مرة أخرى.
وأشار اللواء عبد الرافع درويش، إلى أن الرئيس السيسي يقاوم جماعة الإخوان لآخر رمق ويحاول تحجيمها واطلاع العالم على حقيقة إرهابهم ومخططهم، متابعًا: «بالفعل سقطوا في الوطن العربي ولكن قوتهم ما زالت موجودة في العالم الغربي وأمريكا».
واستطرد: «في تونس كانوا انتهوا لكنهم يحاولون العودة ونسبة المشاركة في الانتخابات التونسية البرلمانية 8% وذلك لأنهم تمكنوا من إقناع المواطنين بالعزوف وعدم المشاركة وهذا يُعد نجاح بالنسبة لهم».
ولفت اللواء عبد الرافع درويش، إلى أن الجماعة لن تستلم أو تتخلى عن أهدافها داخل المنطقة العربية بسهولة، معقبًا: «مش هيستسلموا بسهولة لأن الاستسلام مرفوض بالنسبة لهم ويعني الموت، وهم لديهم استعداد لقتل العالم كله ولكن انتحارهم هما لا».
ترتيب الأولويات
وعن ترتيب الأولويات بالنسبة للجماعة في عام 2023، يرى «درويش» أن الجماعة لن تنشغل كثيرًا للخلافات والأزمات الداخلية، بل سيركزون على إعادة التمكين من المنطقة العربية والعودة للحكم ليتطور الأمر عقب ذلك للوصول إلى مرحلة الأستاذية بحيث تصبح الجماعة هي مصدر الحضارات وتعلم كل دول العالم.
وأكد الخبير العسكري والمفكر الاستراتيجي، أن الجماعة تحاول استغلال الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ويرمون الاتهامات على النظام المصري بالرغم من أنها أزمة عالمية وهو ما سيستمرون فيه خلال العام المقبل ولن يتخلوا عنه حتى ولو تم التضييق عليهم من قِبل السلطات التركي، معقبًا: «لما تم التضييق عليهم بقطر وتركيا ذهبوا إلى إنجلترا وهي حاضنة الإخوان منذ تأسيس الجماعة في أول تاريخها، والإنجليز يحلمون باحتلال مصر مرة أخرى ولن يتخلوا عن ذلك، ولا بد أن لا ننسى أن الأذرع الإعلامية للجماعة تتمتع بتمويل مادي ضخم يصل إلى 9 مليارات جنيه فقط للملف الإعلامي».
واختتم اللواء عبد الرافع درويش حديثه لـ«النبأ»، مؤكدًا أن فكرة تواجد التنظيم الدولي للإخوان في غرب القارة الأفريقية من خلال ضخ الاستثمارات فهذا جزء من مرحلة التمكين والعمل على الانتشار والتوسع والتمكين من القارة الأفريقية ليصلوا عقب ذلك لمرحلة الأستاذية.
على الجانب الآخر، يرى أحمد سلطان الباحث في شئون الإسلام السياسي، أن قيام عدد من الدول الإقليمية برفع يدها عن توفير الغطاء والحماية للجماعة، أمر طبيعي ومتوقع لأن الجماعة فشلت على المستوى السياسي وهو ما دفع «جبهة لندن» تقول إنها ستعتزل العمل السياسي وخرجت من سباق التنافس، ولكن جبهة إسطنبول لازالت تنافس، معقبًا أن دول كتركيا أدركت أن التعويل على دعم الإخوان ليس بالأمر الذي يأتي بنتائج قوية.
وتابع: «الإخوان قدموا أنفسهم للحلفاء في الإقليم أنهم الخبراء في تلك المنطقة وأنهم قادرين على تحقيق الأحلام التوسعية لبعض الدول الحليفة للجماعة، ولكن بفشل الإخوان أصبح لا جدوى من توفير الغطاء لهم، وأدركت تلك الدول أنه لا بد من سياسة أخرى للتعامل مع الجماعة وهو ما يظهر جليًا في تركيا حاليًا، كما قال نائب وزير الثقافة التركي أن الإخوان جماعة منقسمة، بالإضافة إلى تخلي قطر عنهم».
ورقة ضغط
وعن حملات التدقيق في أنشطة الجماعة بدول أوروبية ودول آسيوية، قال «سلطان» إن تلك التحركات تعني أن الإخوان أصبحوا غير قادرين على نسج تحالفات كبيرة داخل تلك الدول، مؤكدًا أن أنشطة الإخوان أصبحت الآن محل نظر ومحل الثقة فيها ليس كما كان من قبل.
واستكمل حديثه مؤكدًا، أن تلك الدول لن تتخلى بشكل كامل عن الجماعة، لأن ملف الإخوان ورقة يمكن الضغط بها على الدول في أوقات معينة، وبالتالي ترك الإخوان على سبيل المثال في تركيا لن يحدث بشكل كامل.
منتدى كوالالمبور
وفيما يخص المشاركة المستترة لجماعة الإخوان في منتدى كوالالمبور في نسخته الأخيرة بتركيا، أوضح «سلطان» أن منتدى كوالالمبور منذ نشأته على يد مهاتير محمد في عام 2014 يحظى بتواجد إخواني كبير جدًا، والجماعة قوامه الأساسي، ويعد مبادرة من المبادرات الفاشلة، مشيرًا إلى أن النسخة الأخيرة منه في إسطنبول شهدت اعتراض ضخم على الإخوان.
وأضاف أن معظم الأوراق البحثية التي تم عرضها خلال المؤتمر قالت إن الجماعة فشلت في كل تجارب تمكينها بالمنطقة العربية، ومعنى هذا النقد الشديد للجماعة أن الزخم الذي تكتسبه الحالة الإخوانية تراجع بشكل كبير وأن المخططات وعمليات إعادة تدوير الجماعة لن تكون ذات جدوى كبيرة
واستكمل: «الخلل الرئيسي في قلب وأصل بنية هذه الجماعة وأفكارها وعقلها الاستراتيجي، والتحركات تحت منتدى كوالالمبور قد يكون لها تأثير ولكن ليس كبير على المستوى الاستراتيجي وداخل المؤتمر نفسه هناك قناعات أن الجماعة أفلست ولا بد من حل تنظيمها السياسي».
واستطرد «سلطان»: «بالنسبة لتيار التغيير موجود منذ سنوات، ووجوده ارتبط بحالة الانقسام والانشقاقات التي حدثت في الجماعة بين جبهة محمد كمال وجبهة القيادات التاريخية للجماعة».
إعادة تدوير العنف
وعن سيناريوهات إعادة تدوير العمل العنيف للجماعة في المنطقة العربية، قال الباحث في الإسلام السياسي، إنه لا يعتقد أن الجماعة تطمح لإطلاق موجة عنف جديدة، لافتًا إلى أن هذا لا يعني أنها غير مؤمنة بالعنف ولكن الجماعة أدركت أن العنف لا يجني عليها سوى الدمار لها والخسائر والانقسامات.
وتابع: «هناك فصيل داخل الجماعة مؤمن بأنه لا بد من استعمال العمل العنيف ولكن نتيجة ذلك ستكون مدمرة والجميع نفض يده من العنف بشكل مؤقت، مسألة العمل العنيف مرتبطة بالانقسام داخل الجماعة، فكان هناك فصيل يدعو دائمًا لإعادة العنف وعندما أدرك أن الأجهزة الأمنية تحاول بكل حسم مع هذا الملف قاموا بغسل أيديهم»، معقبًا: «الراحل إبراهيم منير قدم لأجهزة الأمن والمخابرات البريطانية قائمة بأسماء قيادات الإخوان المرتبطين بالحركات المسلحة بحسم ولواء الثورة والذين كانوا متواجدين في أوروبا وصدر تعميم من أجهزة الاستخبارات والأجهزة الأمنية البريطانية لترحيلهم من دول الاتحاد الأوروبي وبالفعل تم ترحيلهم».
وقال «سلطان» إن أزمة الجماعة الأكبر تتعلق بالانشقاق التنظيمي، وتفجرت الأزمة والصراع للخلاف على ملفين رئيسيين وهما التمويل المادي ومن يدير شئون التنظيم.
تحركات إقليمية
أما بالنسبة لتحركات الجماعة على المستوى الإقليمي، يرى الباحث أحمد سلطان، إنها ترتبط بما يسمى مكاتب رابطة الإخوان المصريين في الخارج وهي جزء من التنظيم الدولي، وهذه المكاتب تركز على البقاء والتكيف مع الظروف في الدول الموجودة فيها.
وأكد «سلطان» أن تركيز الجماعة في 2023 سيكون على ملف الإدارة الداخلية والانشقاقات، لافتًا إلى أن «جبهة لندن» تسعى لاستكمال ما أطلقت عليه مشروع التطوير وتسعى من خلاله لتعزيز سيطرتها على الجماعة وغلق ملفات الإدارة الداخلية.
مواجهة الأزمات الفكرية
أما فيما يخص مرور الإخوان بأزمة فكرية، أوضح «سلطان» أن الأزمة الفكرية التي تمر بها الجماعة ليست وليدة اللحظة، فهناك أزمات فكرية عديدة، فالأفكار المؤسسة للجماعة هناك تساؤلات حقيقية بشأنها، وأعضاء الجماعة يتساءلون، والجماعة غير قادرة على مواكبة تلك التحديات لذا تتعمد استخدام الأسلوب التقليدي في التعامل مع هذه الأزمات بأن تحشد عناصرها خلف القيادة وتدعوهم للسمع والطاعة والصبر وتقول إن هذه القيادة تقبل بأخطائها، والجماعة اعتادت إدارة الأزمات بتلك الطريقة ولكنها مسكنات مؤقتة لن تجدي نفعًا على المستوى البعيد.
مسكنات تقليدية
أما بالنسبة لفكرة إنشاء شبكة من الباحثين المهتمين بالفكر الإسلامي والتي تم طرحها في منتدى كوالالمبور، يرى الباحث في الإسلام السياسي أحمد سلطان، أنها فكرة تطرح منذ سنوات عن طريق قيادات الإخوان، وفي الحقيقة لم يتم في مرة واحدة تنفيذ هذا الأمر، والهدف من الفكرة في حقيقة الأمر أن يتم توفير منصة تحتوي على رؤى وأفكار وتقديرات مواقف من المشاركين في المنتدى والمنتمين لجماعة الإخوان من الباحثين والمتابعين لصانعي القرار داخل الجماعة ليتصرفوا وفق تلك الرؤى ولكن هذا مشروع كبير لم تنجح فيه الجماعة، معقبة: «غير متصور أن تنجح فيه في ظل قيادتها التقليدية، لأن هذه القيادة تجافي وتعادي الكفاءات ودائمًا هي طاردة للكفاءات وهي لا تريد أن يستعلم أعضائها عقولهم ولا تريد أن يفكروا، وتسعى لطرد كل من له فكر أو وجه نظر».
وعن ملف البحث عن ملاذات آمنة للجماعة، أكد أن الملاذات الآمنة ليست في إفريقيا فقط بل أوروبا وشرق آسيا وفي أقاصي العالم مثل أستراليا ونيوزلندا والولايات المتحدة، وحيثما وجد جالية إسلامية وجد التنظيم، وحتى لم يعلن عن انضمامه صراحة للإخوان ولكنه يعمل وفقًا لتوجيهات هذا التنظيم، فمثلا في روسيا الاتحادية وبيلاروسيا هناك تنظيم للإخوان بالرغم من أن القانون يحظر نشاطها هناك ومدرجة على قوائم الإرهاب، متابعًا: «ولكن الجماعة استطاعت التحايل على هذه القرارات بإنشاء منظمات ومراكز مرتبطة بالتنظيم الدولي ولكن لا تحمل اسم جماعة الإخوان ولكنها تتبع منظمات دينية أخرى مستترة كاتحاد المنظمات الإسلامية، ومجلس مسلمي أوروبا، فهناك العديد من التسميات ولكنها في النهاية تشير إلى شيء واحد وهو تنظيم جماعة الإخوان».
وأشار «سلطان» إلى أن الجماعة لها تواجد كبير في إفريقيا مثل إريتريا وجيبوتي وكينيا وحركة الإصلاح فرع كبير من الإخوان في الصومال، معقبًا: «الجماعة منتشرة ومتغلغلة في إفريقيا».
وقال الباحث أحمد سلطان، إن فكرة المشروعات والاستثمارات في إفريقيا فهي ترتكز في الأساس على تمويل أنشطة الجماعة، لكونها تجني ملايين الدولارات شهريا، كما أن الجماعة تجني ملايين الدولارات من اشتراكات أعضائها، وهو ما يدفع باستمرارهم رغم كل هذه الإخفاقات.