رئيس التحرير
خالد مهران

تفاصيل بيع 88 شقة لـ700 شخص في مصر القديمة

تفاصيل بيع 88 شقة
تفاصيل بيع 88 شقة لـ700 شخص في مصر القديمة

أثارت واقعة مستريح العقارات المتورط في بيع 88 شقة لـ700 شخص بمنطقة الفسطاط في مصر القديمة بـ200 مليون جنيه، جدلًا واسعًا، بما يمكن القول إن المتهم قد باع كل شقة لأكثر من 10 مواطنين من ضحاياه، في واحدة من أخطر قضايا النصب والاحتيال التي تعرض لها المصريون خلال الفترة الماضية.

واستجابة لاستغاثات عدد من أهالي منطقة الفسطاط في مصر القديمة جنوبي محافظة القاهرة، عقب تعرضهم لأخطر واقعة نصب واحتيال على يد مستريح جديد للعقارات، تواصل محرر «النبأ الوطني» مع عدد من الضحايا، وسردوا لنا تفاصيل الواقعة، بأن المتهم استولى منهم على مبالغ مالية كبيرة مقابل شراء شقق سكنية، إلا أنه لم يفِ بما وعد به، ويكشفون مأساتهم: «وصل عددنا لـ700 شخص اتنصب علينا جميعًا».

وتعددت البلاغ أمام الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة، ضد المتهم يدعى «سيد عطية عزام»، وبعد التوصل إلى صحة البلاغات، نجحت وزارة الداخلية في إلقاء القبض على المتهم أثناء محاولته الهروب خارج البلاد من محافظة مرسى مطروح.


وقبل أيام تجمع الضحايا أمام العقار الذي يحتل موقعًا مميزًا لقربه من تبة حديقة الفسطاط، بعض الضحايا أحضروا أبوابًا خشبية وصعدوا للشقق لتركيبها، ما استلزم تعيين حراسة أمنية على المكان عقب نشوب مشاجرة بين عدد من مشترى الوحدات.

في البداية، يقول ياسر يوسف إحدى ضحايا مستريح العقارات بمصر القديمة: «اشتريت شقة سكنية، عام 2018 من شخص يدعى سيد عطية محمد عزام، وبعد ذلك اكتشفت مع مرور الوقت أنه تم بيع شقتي لأكثر من 12 شخصًا، وتواصلت مع عدد كبير من الأشخاص الذين وقعوا في فخ هذا المستريح، الذي حصل على أموالهم دون تسليمهم الشقق المتفق عليها والذي تحصل على أساسها على مبالغ مالية».

ويكمل: «حاولنا نتكلم معاه، لكن قالنا أنا بضبط العقود وأسلم الناس في مواعيدها، وبعد ذلك اكتشفنا أنه نصاب وبايع 88 شقة لحوالي 700 واحد، يعني كل شقة من الشقق اللي في العمارة بتاعته متباعة لحوالي أكثر من 10 أشخاص في وقت واحد».

لم تكن كارثة «ليلى» أنها اشترت 4 شقق لها ولأبنائها بنحو المليون جنيه فحسب، إنما مصيبتها الكبرى كانت إقناعها شقيقيها باستثمار تعبهما 8 سنوات في إحدى الدول الخليجية وشراء وحدات سكنية بـ«مجمع الأحلام»، «الاتنين اشتروا 13 شقة، واتنصب عليهم زيى ومحدش فيهم مصدق إنى ضحية زيى زيهم، وحملونى المسؤولية كاملةً»، وتكمل «إخواتى بقوا على الحديدة بعد عودتهما من الخارج».

وكريم جمال، كهربائى، تصور هو الآخر أن حلمه بالزواج أصبح قاب قوسين أو أدنى، حين توجه لمالك الوحدات السكنية يقول: «معايا 150 ألف جنيه، ينفع أقسط باقى المبلغ على سنة؟»، وبموافقته تهلل وجه الشاب «حمدت ربنا، لكنى اكتشفت المصيبة السوداء لما دفعت فلوسى كاملة واكتشفت مماطلة المالك في تسليمى الوحدة وبيعها لآخرين، رغم استعانتى بمحامٍ وكتابة عقد بإمضائه»، متحسرًا: «كنت متكلم على عروسة، وتراجعت عن الفكرة، لأنى أصبحت مديونًا بفلوس وشقتى ضاعت».

وبين الضحايا موظفون وأرزقية، محمد صالح كان أحدهم، والذى لعن حظه العاثر: «عندى عربية كنت شغال عليها أوبر، بعتها لشراء شقة تمليك ببرج الأحلام، وقلت لنفسى: خلاص هبقى قاعد في ملكى بدل الإيجار، ولما اتنصب علىَّ فقدت حلمى وسيارتى مصدر رزقى، وحينما بعتها كنت أبحث عن أي وظيفة مقابل التمليك».

يوضح محمد ربيع أحد المجني عليهم، أن عددا من ضحايا المستريح اشتروا الوحدات السكنية قبل تشييد العقار، وسكان الفسطاط كلهم كانوا بيقولوا عليه: «ده مصدر ثقة، وبتاع ربنا»، ومنهم من سدد الأموال في الفترة ما بين 2015 و2017، وفي النهاية: «اكتشفنا أنه باع 88 شقة لـ700 شخص، وكل واحد يتصور نفسه الأحق بتسلم الشقة والكل يؤكد صحة أوراقه وعقوده، وكادت تحدث جرائم قتل وسرقات وترويع».

ويكمل: «اكتشفنا أيضًا عمليات النصب لما عملنا جروب عبر الواتساب ولقينا عدد المشترين أكبر من الوحدات المشيدة، والمضحك المبكى أننى توجهت لمكتب المقاول (سيد) ولقيت شخص هيستلم شقتى!، وبحصر أموالنا المدفوعة للمقاول اتضح أنها 200 مليون جنيه».

ويتابع: «هناك من باع شقته بأماكن أخرى وسيارته ومشغولاته الذهبية لشراء وحدات بالمجمع السكنى، وكله راح في مهب الريح»، بينهم من أغراه موقع وشكل العقار وقول مالكه لهم: «هعمل فيه مول، والتبة بتاعة الحديقة هتبقى لوكيشين تصوير مسلسلات، وكل شقة هتساوى ملايين الجنيهات».

وذكر أن مستريح العقارات تسبب في العديد من المشكلات بين الأسر التي وقعت ضحايا له، وحدثت حالات طلاق لعدد من السيدات، منهن: «اشتروا الشقق بفلوس ومدخرات الأسرة».

وألقت أجهزة الأمن القبض على مستريح العقارات بمصر القديمة، لاتهامه بالنصب والاحتيال على المواطنين والاستيلاء منهم على مبالغ مالية مقابل تخصيص شقق لهم.

وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة وقيامه بالنصب على المواطنين من خلال بيع الوحدات السكنية لأكثر من شخص والاستيلاء منهم على مبالغ مالية عقب إيهامهم بأنه تم تخصيص وحدات سكنية لهم بالعقار ملكه، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية وتولت النيابة العامة التحقيق.

وأشاد الضحايا باستجابة وزارة الداخلية لمناشدتهم وسرعة القبض على المتهم لدى اختبائه في مرسى مطروح، وتقديمه للنيابة العامة التي أمرت بحبسه احتياطيًا على ذمة التحقيقات، بتهمة النصب على المواطنين، مطالبين باسترداد أموالهم أو تسلم الوحدات السكنية.

بدورها، تقول المستشارة القانونية صابرين أحمد مصطفى، إن قانون العقوبات حدد فى المادة رقم 336 عقوبات رادعة لمرتكب جرائم النصب والاحتيال على المواطنين، بأن يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أي متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو تسديد المبلغ الذي أخذ بطريق الاحتيال أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور وإما بالتصرف في مال ثابت أو منقول ليس ملكًا له ولا له حق التصرف فيه وإما باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة.

وتوضح المستشارة القانوينة: «أما من شرع في النصب ولم يتممه فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة ويجوز جعل الجاني في حالة العود تحت ملاحظة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر».

وتكمل: «فيما تنص المادة 338 على أنه كل من انتهز فرصة احتياج أو ضعف أو هوى نفس شخص لم يبلغ سنه الحادية والعشرين سنة كاملة أو حكم بامتداد الوصاية عليه من الجهة ذات الاختصاص وتحصل منه إضرارا به على كتابة أو ختم سندات تمسك أو مخالصة متعلقة بإقراض أو اقتراض مبلغ من النقود أو شيء من المنقولات أو على تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات الملزمة التمسكية؛ يعاقب أيا كانت طريقة الاحتيال التي استعملها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، ويجوز أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري».