بعد ضياع أحلام المصريين فى 7 وعود سابقة للحكومة..
هل تتحول صفقة مدينة رأس الحكمة إلى «فنكوش»؟
أطلقت الحكومة، خلال الـ10 سنوات الأخيرة، عددا من الوعود التى تحولت إلى «فنكوش وسراب» ولكنها لا تزال «محفورة» في أذهان الشعب المصري لما كانت تحمله من آمال عن تحسن الوضع الاقتصادي وانتهاء موجة ارتفاع الأسعار، وهو الأمر الذي تسبب في طرح تساؤلات حول هل تنضم صفقة رأس الحكمة إلى هذه القائمة؟.
وتعد رأس الحكمة، منطقة تابعة لمحافظة مرسى مطروح، وتشتهر بوجود عدة فنادق كبرى هناك، بجانب أنشطة مختلفة للسياحة.
وتقع رأس الحكمة على الساحل الشمالي، وتمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالى الغربي وحتى الكيلو 220 بمدينة مطروح التي تبعد عنها 85 كم.
وشهدت الأيام الأخيرة «ضجة»، حول صفقة رأس الحكمة، وعليه أصدر مجلس الوزراء، بيانًا قال فيه الدكتور مصطفى مدبولي: «هناك لجنة قانونية وفنية مُشكلة بمجلس الوزراء، لدراسة عروض استثمار في مشروعات مُهمة؛ من المقرر أن تُدِر موارد ضخمة من النقد الأجنبي».
وأشار «مدبولي»، إلى أن هذه المشروعات الاستثمارية الكُبرى تُسهم في تحقيق مُستهدفات الدولة في التنمية، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل، وتشغيل الشركات المصرية، وانتعاش قطاع الصناعة، بالإضافة إلى أن المشروعات الاستثمارية ستُحقق نقلة نوعية، ومزايا مُتعددة للدولة المصرية.
واللافت في الأمر، أنه حتى الآن لم تصدر أي تصريحات واضحة من جانب الحكومة حول الصفقة الخاصة بمشروع رأس الحكمة أو وجود تحالف إماراتي لتنمية المنطقة؛ ما يثبت أن هناك هدفا من تأخر الإعلان عن تفاصيل الصفقة.
وأثار التأخر في إعلان تفاصيل الصفقة من قبل مجلس الوزراء، قلق المصريين من تنفيذ وعد السيطرة على السوق الموازية، وهو ما دفع البعض إلى اعتبارها أحلاما لن تتحقق على أرض الواقع مثلما حدث في السابق؛ لذلك يجب أن يكون هناك رد واضح وصريح من جانب الحكومة؛ لقتل ما تردد من شائعات حول صفقة بيع رأس الحكمة.
أبرز 7 وعود للحكومة منذ 2014
وترصد جريدة «النبأ»، خلال السطور التالية، أبرز الوعود التي أطلقتها الحكومة خلال الـ10 سنوات الماضية ولم تتحقق حتى الآن، بداية من الكشف جهاز لعلاج فيروس «سي والإيدز»، حتى حل أزمة الدولار وانخفاض الأسعار.
وفي يونيو 2014، أعلن اللواء إبراهيم عبد العاطي، وصول القوات المسلحة إلى تحقق اختراع «وهمي» لعلاج فيروسات سي والإيدز والمعروف إعلاميًا بـ«جهاز الكفتة».
وقبل التعويم الأول وتحديدا في مارس 2016 وهي الشهور التي كانت تشهد أزمة في توافر العملات الأجنبية وظهور السوق السوداء؛ خرج طارق عامر محافظ البنك المركزي حينها، في إحدى اللقاءات التلفزيونية قائلًا: «بعد كده يبقى الدولار بـ4 جنيهات ولا حاجة ونرتاح من القصة دي».
وظل هذا التصريح من محافظ البنك المركزي عالقا في أذهان الكثيرين طيلة السنوات الماضية، خاصة أن ما شهدته الفترة التالية لهذا التصريح من إجراءات تضمن تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار لمستويات قياسية تصل إلى أكثر من 100%.
وفي أغسطس 2022، أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 66 لسنة 2022 بتحديد سعر الأرز المعبأة الأبيض بحيث لا يزيد سعره عن 15 جنيها، وكيلو الأرز الأبيض غير المعبأ بـ12 جنيها.
وسرعان ما توقف العمل بالقرار بداية عام 2023، بعد حجب الأرز عن الأسواق وتخزينه وعدم التزام التجار بالتسعير الذي حددته الحكومة.
وفي يناير 2023، تعهد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، بالقضاء على السوق الموازية لسعر صرف الدولار خلال الفترة المقبلة، في الوقت نفسه استمر عمل السوق السوداء بنشاط مستمر من وقتها وحتى الآن.
وفي أكتوبر 2023، أعلنت الحكومة مبادرة لخفض أسعار 7 سلع رئيسية لمدة 6 أشهر بنسب تتراوح ما بين 15 إلى 25 جنيها هي: (الفول، والعدس، ومنتجات الألبان، والمكرونة، والسكر، والزيت، والأرز)، بنسب تتراوح ما بين 15 إلى 25%.
في المقابل، شهدت الأسعار ارتفاعات غير مسبوقة على مستوى جميع السلع تتعدى الـ30% بداية شهر يناير 2024 الماضى وهو الأمر الذي تسبب في فشل المبادرة في أول شهورها.
وفي نوفمبر 2023، كشف رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، عن موعد انتهاء أزمة الدولار، قائلًا: «الأزمة التي تشهدها مصر اليوم بشأن العملة تمثل أزمة عابرة، سوف تنتهي في فترة قريبة».
ولكن بعد 3 أشهر من تصريحات «مدبولي»، تفاقمت الأزمة ووصل سعر الدولار في السوق الموازية، إلى أرقام قياسية، وتخطى فيها حاجز الـ70 جنيهًا.
وفي شهر ديسمبر 2023 الماضي، قال الدكتور علي المصيلحي وزير التموين، إن الاحتياطي الاستراتيجي من السكر يصل إلى 8 أشهر، ومشكلة السكر ستكون من الماضي في 15 يناير 2024؛ وبالرغم من ذلك السوق حاليًا يشهد اختفاءه ووصول السعر إلى 70 جنيهًا.
وحول انضمام صفقة رأس الحكمة إلى قائمة وعود الحكومة التي لم تنفذ منذ 10 سنوات، قال خبراء اقتصاد، إن الأمر لا يزال ضبابيا وغير واضح، ولكن الصفقة تساعد في مشكلة الدولار وهي حقيقة على أرض الواقع يتم تنفيذها وستجني أرباحا مضاعفة.
الوجهة الرئيسية للساحل الشمالي
وفي هذا السياق، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن صفقة رأس الحكمة تتمثل في ضخ مبلغ 22 مليار دولار على دفعات خلال الفترات المقبلة.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن مدينة رأس الحكمة بالفعل مشروع جاذب للاستثمار، لافتًا إلى أن سعر الوحدة كان في عام 2020 بـ700 ألف جنيه في مشروعات لم تنفذ حتى الآن، مع ذلك ارتفع سعرها إلى 6 ملايين جنيه.
وأكد «الإدريسي»، أن المستثمر الذي سيضع أموالا في مدينة رأس الحكمة سيجني أرباحًا مضاعفة خلال 7 سنوات، لافتًا إلى أن هناك عددا كبيرا من الشركات المصرية تمتلك مشروعات قائمة بالفعل بالمدينة مثل «شركة ميفين – شركة ماونتن فيو – شركة تطوير مصر – شركة سوديك – شركة نايا – ريدي جروب – شركة اورا – شركة جدار».
وتابع: «مع تطوير مدينة رأس الحكمة ستصبح هي الوجهة الرئيسية للساحل الشمالي كله، وستكون منطقة أساسية في جذب السياحة إلى مصر بجانب مدينة العلمين الجديدة».
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن صفقة رأس الحكمة بالفعل ستساهم في حل مشكلة الدولار في مصر، ولكن في حالة إتمامها بالشكل الذي تم الإعلان عنه.
وأكد أن الأمر لا يزال لم يحسم حتى الآن ولا سيما بعد تصريحات بلومبرج حول تقدير الصفقة بـ18 مليار دولار، والحكومة المصرية لها 20% فقط من المشروع.
حل أزمة الدولار
ومن ناحيته، قال النائب محمود الصعيدي، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إنه حتى الآن لم يصل أي معلومات للبرلمان بخصوص صفقة رأس الحكمة، وبالرغم من ذلك فالحديث عن المشروع خفض سعر الدولار بالسوق الموازية إلى مستوى الـ50 جنيهًا.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن تنفيذ صفقة رأس الحكمة على أرض الواقع ستساهم في حل أزمة الدولار بجانب الاستثمارات الأجنبية المتوقع جذبها الفترة المقبلة مع الطروحات الحكومية في البورصة.
وأشار «الصعيدي»، إلى أن الصفقة ستوفر فرص عمل لعدد كبير من الشباب، بالإضافة إلى أنها ستكون تنمية عقارية وسياحية، وهو الأمر سيعود بالنفع على الاقتصاد المصري.
وتابع: «ما تردد حول بيع مدينة رأس الحكمة ليس صحيحا بالمرة بل الأمر استثمار لأراض غير مستغلة، فهو خير قادم للمصريين، وبداية لجذب مزيد من المشروعات والاستثمارات الأجنبية المباشرة».
وأوضح عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، أن مشروع رأس الحكمة يختلف عن باقي الاستثمارات الماضية، لأنه يقام على مساحات كبيرة ويقع في موقع متميز جاذب للسياحة، قائلًا: «عائد أي استثمار يتحدد بناء على نوعه ومساحته».
وحول سعر الدولار بعد صفقة رأس الحكمة، أكد أنه مع زيادة الموارد الدولارية، وضخ أموال المستثمرين سينخفض سعر العملة في السوق الموازية تدريجيًا ليقارب السعر في البنوك.