6 تحديات تواجه البنك المركزى لكسب معركة التضخم
في الوقت الذي يحاول فيه البنك المركزي، كبح جماح التضخم من خلال استخدام جميع أدوات السياسة النقدية والوصول به إلى رقم أحادي «تحت الـ10%» خلال العام المقبل 2025، قررت الحكومة رفع أسعار الكهرباء والوقود والمترو ليزيد معهم أسعار جميع السلع الغذائية.
وكان عدد من الخدمات ارتفع خلال الفترة الماضية، مثل أسعار الوقود التي زادت بين 10% و15% قرب نهاية يوليو، وأسعار تذاكر المترو التي قفزت بين 25% و33% في بداية أغسطس وأسعار الكهرباء شهر سبتمبر الجاري التي تراوحت نسبة الزيادة فيها بين 21% و31%.
وبحسب وثيقة برنامج عمل الحكومة الجديدة خلال 3 سنوات المقبلة التي يرأسها الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، فإن احتواء التضخم يأتي مع التركيز على ضبط مستويات التوسع في المعروض النقدي وربطه بالزيادة المسجلة في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية لاحتواء الضغوط التضخمية.
تراجع التضخم
وانخفض التضخم تدريجيا من أعلى مستوى قياسي سجله في سبتمبر 2023 عند 38.0%، ليصل حاليًا إلى 25%؛ لذلك قرر البنك المركزي، تثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية.
ووفقًا لبيانات البنك المركزي، فإن الضغوط التضخمية واصلت تراجعها مع الانحسار التدريجى لأثر الصدمات السابقة، حيث انخفض التضخم السنوى العام إلى 25.7% والأساسى إلى 24.4% فى يوليو 2024 وذلك للشهر الخامس على التوالي، وعلى الرغم من استمرار التضخم المرتفع فى السلع غير الغذائية، فإن الانخفاض الكبير فى التضخم السنوى للسلع الغذائية لا يزال يدفع التضخم العام نحو الانخفاض.
ويتوقع البنك المركزى أن ينخفض التضخم بشكل ملحوظ خلال الربع الأول من عام 2025؛ بسبب التأثير التراكمى لسياسات التشديد النقدى والأثر الإيجابى لفترة الأساس، غير أن المسار النزولى للتضخم لا يزال عُرضة لمخاطر صعودية، بما فى ذلك تراجع إمدادات النفط العالمية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية، وحالة عدم اليقين بشأن انتهاج سياسات تجارية حمائية.
ورغم تراجع معدل التضخم لا يزال فوق مستهدفات البنك المركزي بين 5% إلى 9% بنهاية الربع الرابع من العام الجاري، وبين 3% إلى 7% بنهاية الربع الرابع من 2026.
ويرى خبراء الاقتصاد، أن هناك 6 صعوبات وتحديات أمام الوصول بالتضخم إلى 7% خلال العام المقبل، هي كالتالي: «استمرار ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود، والأحداث العالمية وزيادة الإنتاج، بالإضافة إلى إزالة العقبات أمام المستثمرين، وجذب مستثمرين جدد، هذا بجانب اتجاه الدولة لتحويل الدعم العيني إلى نقدي».
وفي هذا السياق، انتقد هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، استمرار الحكومة فى رفع أسعار الكهرباء والوقود مع تنفيذ خطة البنك المركزي في تقليل الضغوط التضخمية، قائلًا: «هذا يتناقض مع المستهدف بتراجع معدل تضخم 7% فقط فى نهاية 2025».
وأضاف «توفيق»، أن التضخم فى مصر ناشئ عن الإفراط فى طباعة النقود وليس عن زيادة الاستهلاك، وبالتالى تثبيت الفائدة لن يؤدى إلى خفض التضخم، وخاصة مع أثره السلبى على الاستثمار والتشغيل والتصدير، مطالبًا البدء فى اتجاه خفض سعر الفائدة.
استخدام علميات السوق المفتوحة
ومن ناحيته، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن البنك المركزي يستهدف الوصول للتضخم إلى رقم أحادي في 2025، بقيمة تتراوح بين 5% إلى 9%.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن وصول التضخم إلى رقم أحادي يقابله تثبيت في أسعار الفائدة، وهو ما يجعل مصر من أكبر 5 دول على مستوى العالم في أسعار الفائدة.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن ذلك بجانب استخدام البنك المركزي علميات السوق المفتوحة، حيث يتم سحب تريليون جنيه تقريبًا من البنوك بشكل أسبوعي، ومستغلًا الفائدة العالية والتي تصل إلى 27%، والتي يستفاد منها أيضًا في طرح سندات وأذون خزانة للحفاظ على مزيد من الطلب على العملة المحلية.
وأكد استمرار شهادات البنوك التي يصل عائدها إلى 30%، لزيادة معدلات التنازل عن الدولار ورفع الطلب على الجنيه، وهو ما يساعد إلى حد كبير في استقرار سعر الصرف، والأسعار ومستلزمات الإنتاج والسلع المستوردة.
ولفت إلى أن البنك المركزي قطع شوطا طويلا في خفض التضخم، حيث استطاع خلال الـ5 أشهر الماضية، حيث انخفض من 40.3% منتصف العام الماضي ليصل إلى حاليًا إلى 25.5%، وهو ما يعني وتيرة الزيادة بدأت في الانخفاض نتيجة السياسات النقدية الإيجابية.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن التضخم ليس مرتبط فقط بالسياسات النقدية ولكن علاقته بالاقتصاد ككل؛ لذلك يجب أن يكون هناك جهد أكبر من الحكومة لزيادة الإنتاج وعودة المصانع المتوقفة، بجانب إزالة العقبات أمام المستثمرين ومن أهمهما ارتفاع تكلفة الاقتراض والطاقة، لذلك يقابلها مزيدا من الحوافز والضمانات.
وتابع: «ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود من أبزر التحديات أيضًا التي تؤثر على المنتج النهائي، بجانب القدرة على جذب مزيد من المستثمرين في ظل التوترات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة».
وختم: «أيضًا تحويل الدعم العيني إلى نقدي، يعتبر تحديا؛ لأن له عيوب أبرزها ارتفاع معدلات التضخم نتيجة وجود سيولة في السوق، تساهم في زيادة الإنفاق».