الوباء على الحدود..
تهديد مصر بانتشار «الكوليرا» عبر الفارين من الحرب فى السودان
تعاني السودان من أزمة إنسانية حادة جراء الحرب التي فاقمتها كارثة السيول والفيضانات والتي تسببت في انهيار آلاف المنازل، بالإضافة إلى سد أربعات المورد الرئيسي للعاصمة السودانية المؤقتة بورتسودان، مع تفشي للأوبئة مثل الكوليرا والذي أعلنت السلطات عن تفشيه رسميا بالإضافة إلى التهاب العين وغيرها من الاوبئة، مما يهدد بموجة نزوح جديدة إلى مصر وانتشار للأوبئة سواء عبر مياه النيل أو البشر الحاملين للمرض والفارين من ويلات الحرب والوباء في بلاهم.
وكشفت أمل محمد الحسن، الإعلامية السودانية، عن أن الكارثة الإنسانية التي حدثت في عدد كبير جدًا من ولايات السودان جراء السيول والأمطار والتغيرات المناخية الكبيرة التي أدت إلى أنه لأول مرة تكون هناك أمطار وسيول في منطقة شمال السودان أدت إلى انهيار العديد من المنازل والقرى، وتضرر منها عشرات الآلاف من السودانيين بين قتلى ومفقودين، والكارثة الإنسانية جاءت في وقت الحرب، حيث يعاني الناس من أوضاع إنسانية متردية ومجاعة، وظروف اقتصادية ضخمة جدًا.
وأكدت الإعلامية السودانية، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن معظم الولايات الشمالية أو الشرقية تعرضت لكارثة السيول والأمطار والتي أساسًا هي تأوي عشرات الآلاف من النازحين الذين جاءوا من الخرطوم ومدني وولاية الجزيرة بعدما دخلتها قوات الدعم السريع وبعد ذلك من ولاية سنار، مبينة أن هناك أعدادا كبيرة بالآلاف من السودانيين نزحوا خوفا وهربا من الحرب إلى هذه الولايات وتضرروا تضررا بالغا جدًا؛ لأن معظمهم موجودين في دار إيواء ومدارس وفي الشوارع، وليس لديهم بيوت في الأساس، وعندما جاءت السيول والفيضانات الكارثة الإنسانية تضاعفت بشكل كبير جدًا والأوضاع الاقتصادية في البلد متردية مع إعطاء الأولوية للدعم العسكري باعتبار أن البلد في حالة حرب.
وأضافت «الحسن»: «الدولة لا تملك أي شيء تقدمه للمواطن، أو حكومة الأمر الواقع ليس لديها ما تقدمه للمواطنين في شكل مساعدات إنسانية أو في توفير بدائل لدور الإيواء، أو حتى أنها تعمل جسور جوية توصل للناس أو تجلبهم من منطقة الكوارث، خاصة بعدما انهار سد أربعات في شرق السودان يبعد 40 كيلو مترا من مدينة بورسودان، وهذا -أيضا- أثر على عدد كبير جدًا من القرى، وإلى الآن يوجد أناس مفقودين لا نعرف أحياء أم أموات، الوضع الإنساني صعب جدًا».
وبينت الإعلامية السودانية، أن الناس في حاجة إلى المأوى وإلى الغذاء والدواء، وبالتأكيد كارثة السيول والأمطار تأتي معهم متوازية مع الأوضاع الصحية لأن أول ما توجد مشاكل سيول، مثلًا عندما انهار سد أربعات هو كان المسيطر على شبكة المياه التي تغذي بور سودان فبالتأكيد تكون هناك مشاكل مرتبطة بالمياه، حيث تنعدم المياه النظيفة وتشرب الناس من المياه الملوثة».
وتطرقت «الحسن» لمشاكل السيول في الشمال، و-أيضا- بها مناطق تعدين يتم استخدام مواد خطيرة جدًا، مثل السيانيد، والزئبق، وهذه جرفت كلها ودخلت في مياه الشرب ومن المتوقع أن تتسبب في مشكلات كبيرة جدًا، وتؤثر على أمراض الكلى والكثير من الأمراض الخطيرة الأخرى، وذلك لأنها مواد سامة وخطيرة وتؤثر على التربة والإنسان والبيئة.
النزوح إلى مصر
وأوضحت الإعلامية السودانية، أن مشاكل المياه النظيفة تنعكس على مشاكل الصحة بشكل مباشر، متابعة: «تم إعلان وباء الكوليرا بشكل رسمي من وزارة الصحة الرسمية عادة كانت في السابق وزارات الصحة الرسمية لا تعلن وجود كوليرا وتعطيهم اسم آخر وهو الإسهالات المائية لكن اعترافه بوجود كوليرا يؤكد أن الكارثة أصبحت كبيرة جدًا»، مشيرة إلى أن مشاكل السيول والفيضانات ستضاعف من وباء الكوليرا لأنه لا توجد مياه نظيفة ولا مرافق صحية الناس تستخدم الشوارع لقضاء حاجتها، لأن الناس أصبحت تسكن الشوارع وبالتالي سيتضاعف وباء الكوليرا وأوبئة كثيرة متعلقة بالبيئة مثل أمراض العيون.
وحول التأثير على مصر، قالت «الحسن» إن الكارثة ستزيد من أزمة النزوح إلى مصر لأسباب كثيرة، ومنها أن الحدود الشرقية مع دولة إثيوبيا تم إغلاقها بعدما سيطرت المجموعات المسلحة للفولاني على المنطقة الحدودية مع السودان، كما أن مصر من أقرب الدول للمناطق الشمالية، معقبة: «فبالتالي معظم الناس يفكرون في السفر إلى مصر لكي يجدوا ملجأ لهم يقيهم من الكوارث الإنسانية».
وأوضحت أن الحدود بين السودان ومصر حدودا كبيرة جدا، وهناك قبائل سودانية متخصصة في التهريب ومتخصصة في معرفة الشوارع والطرق غير المحروسة وغير المحمية، ومن الجانب السوداني لا تكون هناك إمكانية للحكومة أن تحمي الحدود أو توقف هذا التدفق بالتالي العبء كله على الجانب المصري، وبالنسبة للجانب المصري ستكون مكلفة جدا لأنها حدود طويلة ممتدة إلى الشمال وبالتالي السيطرة عليها ليست سهلة.
ولفتت الإعلامية السودانية، إلى أن انتقال الأمراض سيكون كارثة كبيرة جدا باعتبار أن الأوبئة مثل الكوليرا لا تحتاج إلى وقت لانتشارها في ثوان تنتشر انتشارًا كبيرًا وتصيب الناس، وبالتالي عبور هذه الأوبئة إلى مصر، وسيكون هناك لاجئين جدد حاملين للأمراض يريدون اللجوء إلى مصر، خاصة بعدما تحدث آخر تقرير أممي عن وجود 25 مليونا يعانون من الجوع فبالتالي الكارثة ستؤثر على دول الجوار لأن الناس محتاجين إلى ملاجئ.
مرحلة كارثية
بينما كشف عادل عبد الباقي، رئيس تجمع منظمات المجتمع المدني في السودان، عن أن اتساع رقعة الصراع في السودان قد تؤثر على دول الجوار والدول المستضيفة للاجئين السودانيين، علما بأن دولة مصر المستضيفة لمئات الآلاف من اللاجئين السودانيين، بالإضافة إلى دولة إثيوبيا وتشاد وجنوب السودان، ومما يفاقم الوضع تجاهل الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية للأوضاع الإنسانية في السودان، ما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني بصورة مزرية جدًا.
وأكد «عبد الباقي»، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الأوضاع في السودان وصلت إلى مرحلة كارثية، بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية من سيول وفيضانات في عدة مناطق في السودان وشرق السودان وشماله، كما أن الأوضاع الإنسانية وصلت إلى مرحلة كارثية خاصة في الغذاء والدواء ومعاناة الأطفال والنساء في كل الولايات تعد الأسوأ مع انتشار واسع للأوبئة والأمراض المزمنة التي يعاني منها كبار السن في بورتسودان ونهر النيل مثل الكوليرا والتهاب العين.
وأضاف رئيس تجمع منظمات المجتمع المدني في السودان: «شاهدنا في الأيام الماضية مشاورات جينيف بين الجيش السوداني والدعم السريع نسبة لعدم توصل الأطراف إلى اتفاق يمكن المنظمات الإنسانية من إيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة».
وأعرب عن قلقه من تفاقم هذه الأوضاع ووصولها للدول الإقليمية المجاورة للسودان، وأنه قد يكون لها أثر سلبي في الإطار الصحي، لذلك من الأهمية وضع حد للصراع في السودان، ودعم الإغاثة والمساعدات الإنسانية لمجابهة الأزمة في السودان قبل اتساعها في الدول الإقليمية التي تعاني من الحرب الجارية في السودان مثل مصر وإثيوبيا وجنوب السودان.
وأشار «عبد الباقي»، إلى أنه في اليومين الماضيين طالبت مظمات المجتمع المدني الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتمديد بعثة لتقصي الحقائق والانتهاكات في السودان وأيضا لإيجاد حل للأزمة السودانية والضغط على أطراف الحرب والوصول إلى سلام شامل، وهناك مبادرات وطنية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة بقيام مؤتمر سفراء السلام في عاصمة ولاية غرب دارفور مدينة الجنينة لنبذ خطاب الكراهية والعنصرية وتعزيز الدور المجتمعي في إرساء قواعد السلام.