رئيس التحرير
خالد مهران

بعد «قمة التوتر» بين الرئيس الأمريكى وملك الأردن..

أوراق مصر للضغط على «ترامب» من أجل التراجع عن مشروع التهجير

دونالد ترامب
دونالد ترامب

أحدثت قمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، جدلا واسعًا، بعدما صمّم «ترامب» على خطته بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والسيطرة على أراضيه.

ويرى البعض أن القمة التي كان عنوانها التوتر، مؤشر سلبي على اعتزام الإدارة الأمريكية السير في خطتها والدخول في صراع دبلوماسي مع الدول العربية، لا سيما مصر التي لا تزال تصّر على موقفها الرافض لأي مشروعات تتعلق بالتهجير وتصفية القضية الفلسطينية.

وقال الملك عبد الله، خلال اجتماعه بنظيره الأمريكي في واشنطن، إن الدول العربية ستتقدم بمقترحاتها للإدارة الأمريكية بشأن مستقبل قطاع غزة.

وأكد العاهل الأردني، أنه يتعين على الجميع الوضع في الاعتبار تحقيق هذا الأمر بما يخدم مصلحة الجميع، مشيرًا إلى أنه «علينا أن ننتظر لنرى خطة من مصر بشأن قطاع غزة»، مُشيرًا إلى أنه يعتزم إجراء مشاورات في السعودية في هذا الشأن.

وبشأن توفير أرض في الأردن لإقامة الفلسطينيون عليها، قال الملك عبد الله الثاني: «يجب أن أعمل ما فيه مصلحة بلدي».

وأوضح إن المملكة الأردنية ستأخذ 2000 طفل من قطاع غزة من الذين يعانون من أمراض، بما في ذلك السرطان في أسرع وقت ممكن، ليصف «ترامب» هذا الأمر بـ«الرائع».

كواليس تنظيم مصر مؤتمرا دوليا لتقديم مشروعها الجديد لمواجهة «الخطة الترامبية»

تمسك ترامب بمخططه

على الجانب الآخر، تمسك «ترامب» بمخططه، مؤكدا أنه لا بديل أمام الفلسطينيين سوى الخروج من غزة.

وأشار الرئيس الأمريكي إلى أنه سيكون هناك قطعة من الأرض في الأردن وأخرى في مصر للفلسطينيين، متابعًا: «بعد أن ننتهي من هذه المحادثات سيكون هناك مكان يعيش فيه الفلسطينيون بسلام... وإذا أتيح لهم المجال للخروج من غزة فلن يمكث 1% هناك».

وأعرب دونالد ترامب عن ثقته في قدرة أمريكا على التوصل إلى اتفاق مع مصر لاستقبال الفلسطينيين من قطاع غزة، معقبًا: «أنا أعلم أننا سنكون قادرين على التوصل إلى شيء ما مع مصر، وأعتقد أننا سنتوصل إلى شيء ما بنسبة 99%، وليس بنسبة 100% مع مصر».

وقال ترامب: «سيعيش الفلسطينيون، أو الأشخاص الذين يعيشون الآن في غزة، حياة جميلة في مكان آخر، وسوف يعيشون بأمان. ولن يُقتلوا أو يُضطروا إلى المغادرة كل 10 سنوات، الأمر أشبه بالعيش في الجحيم».

وأوضح أن أمريكا لا تنوي شراء قطاع غزة: «لن نشتري شيئا، سوف نحظى بها، وسوف نشرف عليها وسنتأكد أن هناك سلامًا، وستكون هناك تنمية على نطاق واسع أيضًا وسيكون هناك الكثير من الفنادق والمباني، لا يوجد هناك ما نشتريه في غزة... سوف نأخذها ونعتنى بها»، مشيرا إلى أن بعض سكان غزة قد يعودون إليها في المستقبل، ولكن بصفة أخرى.

وعن تهديداته بقطع المساعدات عن مصر والأردن، قال «ترامب» إن أمريكا تقدم الكثير من الأموال، إلا أنه لن يضطر إلى التهديد بقطعها، معقبًأ: «أعتقد أننا فوق ذلك».

دونالد ترامب والملك عبد الله الثاني

أستاذ علوم سياسية: تحركات «القاهرة» لم تتوقف على إصدار البيانات.. وتشكل ضغطا قويا على صناع القرار الأمريكى

مشروع القاهرة للإعمار

وبعد ساعات قليلة من انتهاء القمة، أصدرت مصر بيانًا أعربت فيه عن تطلعها للتعاون مع الإدارة الأمريكية، بقيادة  دونالد ترامب، من أجل تحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة، عبر إيجاد تسوية عادلة للقضية الفلسطينية تضمن حقوق شعوب المنطقة وتراعي الأبعاد السياسية والقانونية للصراع.

وأكدت الخارجية المصرية، اعتزام القاهرة طرح تصور متكامل لإعادة إعمار قطاع غزة، بما يضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، وبما يتماشى مع الحقوق المشروعة لهذا الشعب وفق القوانين الدولية.

وشدد البيان على أن أي رؤية لحل القضية الفلسطينية يجب أن تأخذ في الاعتبار تجنب تعريض مكتسبات السلام للخطر، مع التأكيد على ضرورة معالجة جذور الصراع عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وأكدت مصر أن تنفيذ حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتعايش المشترك بين شعوب المنطقة، مشددةً على أهمية الجهود الدولية في دعم هذا المسار بما يضمن تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط.

إرجاء زيارة الرئيس السيسى للبيت الأبيض مفتاح ضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة

ضغوط مصر على «ترامب»

واعتبر المراقبون والمحللون السياسيون، أن البيان المصري يأتي في إطار التحركات والجهود الدبلوماسية التي تقودها مصر لإثناء الإدارة الأمريكية عن خطتها بشأن التهجير والضغط على صانعي القرار بواشنطن من خلال تقديم مشروع شامل لإعادة إعمار قطاع غزة، وهو المشروع المقرر طرحه على هامش القمة العربية وتسويقه من خلال مؤتمر دولي تستضيفه القاهرة.

ورفضت مصر 3 مقترحات بشأن مستقبل قطاع غزة وتهجير سكان القطاع، مؤكدة أنها لن تخصص قطعة أرض لإقامة الفلسطينيين بها.

وأرسلت مصر عبر وزير خارجيتها رسالة واضحة لأمريكا ردًا على خطة ترامب.

وفي هذا الصدد يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن جهود مصر الدبلوماسية لم تتوقف على إصدار البيانات بل توجد تحركات على أرض الواقع للضغط على صُناع القرار بالإدارة الأمريكية، علاوة على دور الوساطة التي تقوم به.

وأكد «فهمي» أن موقف مصر سيظهر جليًا في القمة العربية الطارئة المقرر إقامتها بالقاهرة، علاوة على استعداد مصر لتنظيم مؤتمر دولي يتبنى المشروع المصري لمستقبل قطاع غزة لمواجهة المشروع «الترامبي».

الدكتور طارق فهمي

وزير الخارجية الأسبق: ترامب يطلب المستحيل من أجل الحصول على الممكن

إرجاء زيارة واشنطن

تلقى الرئيس السيسي، في وقت سابق دعوة مفتوحة من نظيره الأمريكي دون تحديد تاريخها لزيارة واشنطن وعقد قمة ثنائية بينهما.

ورغم عدم الإعلان عن موعد الزيارة بشكل رسمي، إلا أن مصادر عديدة أكدت سفر الرئيس السيسي إلى واشنطن في 18 فبراير.

ورجحت مصادر دبلوماسية، إرجاء الرئيس السيسي زيارته إلى البيت الأبيض إلى أجل غير مسمى اعتراضا على تصريحات ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة في ظل توتر الأجواء بين «القاهرة» و«واشنطن» بشأن هذه التصريحات.

وأبلغ السفير بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، نظيره الأمريكي ماركو روبيو، خلال زيارة خاطفة لـ«واشنطن»، أن الدول العربية ترفض بشكل قاطع تهجير الفلسطينيين من غزة.

وزير الخارجية ونظيره الأمريكي

وأكدت المصادر أن «القاهرة» تسعى لحدوث انفراجة في العلاقات خلال الأيام القليلة القادمة والتوصل لتفاهمات واضحة بعد رسالة مصر للإدارة الأمريكية وجهودها الدبلوماسية خلال الساعات الأخيرة من أجل التراجع عن خطة ترامب والبحث عن حلول بديلة، وهو ما يؤدي إلى عودة الزيارة لموعدها ولقاء الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي بالبيت الأبيض.

خبير عسكرى: المعونة الأمريكية لا تمثل ضغطا على مصر.. و«كلام مصر غير أى حد تانى»

قطع المعونة العسكرية والمساعدات

وألمح «ترامب» في حديث سابق إلى إمكانية قطع المساعدات التي تمنحها أمريكا لمصر والأردن في حال عدم مساعدته على تنفيذ خطة إخلاء القطاع.

وجاء رد مصر قويًا، بأن المساعدات الأمريكية تأتي ضمن اتفاقية السلام مع إسرائيل وقطعها يعني أن معاهدة 1979 للسلام في خطر؛ وهو ما جعل «ترامب» يتراجع، مؤكدا أنه لن يقدم على قطع المساعدات مع مصر أو الأردن أبدًا خلال مباحثاته مع العاهل الأردني.

ومن جانبه، يرى الخبير العسكري والمفكر الاستراتيجي اللواء سمير فرج، أن المساعدات الأمريكية لا تمثل ضغطا على مصر.

وأضاف: «لا تمثل أي فارق لمصر، دول ولا حاجة، مجرد عشر طيارات».

وأكد «فرج» أنه يؤيد إجراء زيارة الرئيس السيسي لواشنطن في موعدها؛ لعرض الموقف المصري، معقبًا: «أؤيد زيارة الرئيس السيسي إلى واشنطن، وعرض وجهة النظر المصرية ووجهة نظر الشعب المصري.. أعرف أن المصريين خائفون على الرئيس السيسي لكن علينا أن نقاتل».

وتابع «الرئيس السيسي سيتكلم وسيدافع عن موقف مصر غير أي حد تاني».

واختتم اللواء سمير فرج، حديثه موضحا أن الخوف على الرئيس السيسي من الزيارة خوف مشروع إلا أن الزيارة هامة ومُلحة من أجل عرض الموقف المصري كاملًا.

اللواء سمير فرج

طلب المستحيل ونيل الممكن

وفي السياق ذاته، قال السفير نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق، إن ما يفعله ترامب خطة استراتيجية تعرف بطلب المستحيل من أجل الحصول على الممكن.

وأكد أن فكرة تهجير الفلسطينيين متطرفة ويستحيل أن تحظى بموافقة عربية، مشيرا إلى أن موقف مصر ثابت في رفض التهجير وتصفية القضية الفلسطينية من أجل تحقيق الأطماع الإسرائيلية.

وطالب «فهمي» بتبكير موعد القمة العربية الطارئة، وسرعة صدور بيان عربي موحد واضح تجاه خطة ترامب.

وأشار وزير الخارجية الأسبق، إلى أن ترامب يرغب في الاعتراف بضم الضفة الغربية للأراضي الإسرائيلية للقضاء بشكل كامل على فكرة حل الدولتين، إلا أنه لم يتحدث عن ذلك بشكل علني أبدًا بل يحاول الوصول إليه بعد فشل تحقيق حديثه حول تهجير الفلسطينيين.

السفير نبيل فهمي

وعن القمة التي عقدت بين الرئيس الأمريكي والملك عبد الله الثاني، عاهل الأردن، قال السفير نبيل فهمي، إن الملك عبد الله لم يكن يرغب في الدخول في صدام مباشر مع دونالد ترامب؛ لذلك كان حذرا في تصريحاته؛ إلا أنه فور الانتهاء من بعث برسائل حول موقف الأردن الرافض للتهجير، وأنه حرص على تأكيد ذلك خلال مباحثاته مع ترامب.