رغم ارتفاع الأسعار وانخفاض الاحتياطى النقدى..
سر إشادة أكبر «4» مؤسسات دولية بالاقتصاد المصرى
بالرغم من الحالة الاقتصادية التي تمر بها مصر من ارتفاع الأسعار وانخفاض الاحتياطي النقدي وصعوبة الاستيراد، وزيادة سعر الدولار، إلا أن الاقتصاد المصري لا يزال محل اهتمام وإشادات المؤسسات الدولية الكبرى وعلى رأسها البنك الدولي وصندوق النقد ومؤسسات التصنيف الإئتماني، الذين أكدوا صلابته في امتصاص الصدامات الخارجية سواء في جائجة كورونا أو الحرب الروسية الأوكرانية.
صندوق النقد الدولي
وأعلن صندوق النقد الدولي، رفع توقعاته لنمو اقتصاد مصر خلال العام المالي الجاري، وفي المقابل خفض توقعاته لنمو اقتصاد العالم في 2022.
ونشر صندوق النقد الدولي تقرير آفاق الاقتصاد العالمي ورفع توقعاته لنمو الاقتصاد المصري في العام المالي الجاري بنسبة 0.3% إلى 5.9%، مقارنة بـ5.6% كان يتوقعها في تقرير له يناير الماضي.
وخفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 3.6% في 2022 بتراجع 0.8% مقارنة بتوقعاته في يناير الماضي.
وقالت بيتيا كوفا بروكس، نائب مدير قسم البحوث الاقتصادية بصندوق النقد الدولي، في مؤتمر صحفي، إن رفع الصندوق توقعاته للاقتصاد المصري في العام المالي الجاري جاء بسبب قوة الاقتصاد المصري قبل الحرب.
البنك الدولي
وقال البنك الدولي، في تقرير صادر عن رؤيته لتعامل مصر مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، إن مصر اتخذت عدة إجراءات لمواجهة آثار الأزمة على رأسها تقديم حزم تمويلية للتخفيف من ارتفاع الأسعار من خلال زيادة الأجور والمعاشات، مضيفًا أن بعض القطاعات آخذة في التعافي كقطاعات استخراج الغاز وقناة السويس، كما يواصل قطاعآ الاتصالات والبناء دورهما كمساهمين مهمين في تحقيق النمو.
وشدد البنك في الوقت نفسه على أن الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية أمر هام لخلق فرص عمل جديدة وتحسين مستويات المعيشة.
وتطرق التقرير إلى تأكيد البنك الدولي على أن توقعات معدل نمو الاقتصاد المصري لا تزال إيجابية رغم تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، مقارنة بتوقعات ما قبل الأزمة، حيث جاءت نتائج توقعات معدل النمو للعام المالي 2021/2022 في كل من تقريري إبريل ويناير 2022 مسجلة 5.5%، مقابل نتائج توقعات تقرير أكتوبر 2021 والتي سجلت 5%.
وكالة فيتش
بينما أكدت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، تصنيف مصر عند «B+» مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وقالت «فيتش» إن تصنيف مصر مدعوم بسجلها الأخير في الإصلاحات المالية والاقتصادية، واقتصادها الكبير ونموه القوي.
وأشارت إلى أن تصنيف مصر لا يزال مقيدًا بمقاييس السيولة الخارجية الضعيفة، وسط اعتماد كبير على استثمارات غير المقيمين في سوق السندات المحلية.
ولفتت الوكالة إلى أن زيادة أسعار الغذاء العالمية والاضطرابات في واردات القمح من روسيا وأوكرانيا ستضغط على الميزان التجاري في مصر، لكن لا يزال من المحتمل زيادة الإيرادات من نشاط السفر في السنة المالية 2021-2022 مقارنة بسابقتها، بالرغم من فقدان سائحين من روسيا وأوكرانيا.
وكالة ستاندرد آند بورز
كما ثبتت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، تصنيفها للاقتصاد المصري عند «BB» مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وتتوقع، أن يحقق الاقتصاد المصري معدل نمو خلال العام المالي الحالي بنسبة 5.7%، مع تراجع النشاط بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والاقتراض، واضطراب سلاسل القيمة بسبب الاختناقات في جانب العرض، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وضعف تدفقات السياحة الوافدة.
ويرى خبراء الاقتصاد، أن إشادات المؤسسات الدولية بمصر، جاء نتيجة الإصلاحات الاقتصادية التي نفذها الدولة في 2016، بالإضافة إلى عدم تأجل مصر لسداد ديونها الخارجية، ولا تزال تربة خصبة لجذب الاستثمارات الخارجية.
تربة خصبة للاستثمارت الأجنبية
وفي هذا السياق، قال أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن الإشادة الدولية تؤكد قوة وتنوع الاقتصاد المصري.
وأضاف «غراب»، أنه بعد تقرير صندوق النقد الدولي صدر تقرير وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني الذي ثبتت فيه تصنيفهما للاقتصاد المصري، مع نظرة مستقبلية مستقرة، بسبب استمرار الدولة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار المالي، وتحسين مناخ الأعمال، وهذا يؤكد على قوة الاقتصاد المصري وقدرته على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة، رغم ما يتعرض له العالم جراء الأزمة الروسية الأوكرانية التي تسببت في خفض توقعات معدلات النمو العالمية.
وأضاف «غراب»، أن هناك الكثير من العوامل التي كانت سببا في رفع توقعات صندوق النقد الدولي لمعدل نمو الاقتصاد المصري، أهمها أن مصر مازالت تربة خصبة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، خاصة بعد انخفاض قيمة الجنيه، والتيسيرات التي تقدمها الدولة للمستثمرين.
وتابع: «هذا بالإضافة إلى البنية التشريعية الاقتصادية التي تدعم المستثمر، والطرق والمحاور الجديدة التي تربط المحافظات ببعضها وتقلل الوقت والجهد للوصول إلى المناطق الصناعية بالقاهرة، والدعم والتيسيرات المقدمة للمستثمرين».
سداد الديون في موعدها
ومن ناحيته، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن المؤسسات الدولية ترى الاقتصاد المصري من منظور محايد، وإشادتها تأتي من عدم مواجهة مصر أزمات خطيرة بمقارنتها بباقي الدول المجاورة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه بالرغم من مرور مصر بجائحة كورونا وبعدها الحرب الروسية الأوكرانية، ونقص سلاسل الإمداد، إلا أن الاقتصاد لا يزال صامد وقوي، ويستحق الإشادة.
وأشار «فهمي»، إلى أن مصر أخذت إجراءات حازمة وسريعة لامتصاص تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية، مثل زيادة المرتبات والمعاشات، وتأجيل الضرائب، بالإضافة إلى تأمين الاحتياطيات من السلع لمدة 6 أشهر.
وتابع: «الاحتياطي النقدي في مصر انخفض بقيمة 5 مليارات دولار، وأعلنت الحكومة عن ذلك بكل شفافية، هو الأمر الذى أدى إلى ارتفاع سعر الدولار ليكسر حاجز 18 جنيهًا».
وواصل: «بالطبع حدث ارتفاع في الأسعار ولكن كلها نتيجة صدمات ومشكلات خارجية، والأسعار سترتفع بعد العيد أيضًا، ولكن لا يزال الاقتصاد ثابتا ومستقرا».
واستكمل: «هذا بالإضافة أيضًا لأن مصر لم تتخلف عن سداد أقساط ديونها في موعدها، فالدولة ملتزمة، ولكن مصر تؤجل دفع الفوائد فقط، بخلاف الدول الأخرى التي تؤجل سداد ديونها».
وأوضح أستاذ الاقتصاد، أن هناك ما يتردد حول إفلاس مصر، بعد إعلان لبنان إفلاسها، ولكن هذا الكلام غير صحيح وغير منطقي؛ لأن مصر لا توجه أزمات مثل كثير من الدول بل لديها استقرار سياسي وأمني واقتصادي.
ولفت إلى أن مصر حققت أعلى معدلات نمو اقتصادي في المناطق المجاورة، مؤكدًا أن الاصلاحات التي تم تنفيذها في 2016 هي سبب ثبات وصلابة الاقتصاد ضد الأزمات الخارجية.