خفايا العالم السري لـ«المخدرات الديجيتال»
لم تقتصر المخدرات على الحشيش والماريجوانا والهيروين والكوكايين وغيرها من المواد التي تُذهب العقل، بل تخطته ليصبح لدينا ما يعرف بـ«المخدرات الرقمية»، فما هي هذه المخدرات، وماذا تفعل بالإنسان؟ وهل تؤدي هذه المخدرات إلى الإدمان لدرجة أن تقود المُدمن لارتكاب جريمة؟.
تخدير العقل بالموجات
«المخدرات الرقمية» تعتبر موسيقى تخدر العقل بالموجات، تشبه «حبوب الهلوسة» وهي عبارة عن ترددات صوتية مماثلة تقريبا (أي إن الترددات التي يتم الاستماع إليها في الأذن اليمنى تختلف عن الأذن اليسرى بعدد قليل من موجات التردد- الهيرتز)، يتم الاستماع إليها من خلال سماعات الأذن أو مكبرات الصوت، ويقوم الدماغ بدمج الإشارتين، مما ينتج عنه الاحساس بصوت ثالث، فمثلا: يكون تردد أمواج الصوت في الأذن اليسرى 100 هيرتز، والأذن اليمنى 107 هيرتز، فيقوم الدماغ بإنتاج موجة تردد آخر ذات 7 هيرتز، ويتم من خلالها إحداث تغييرات في نشاط الموجات الدماغية، ويجب أن يكون الفرق في الترددات بين الأذنين أقل من 30 هيرتز، وذلك للحصول على أفضل نتيجة، وإلا سيتم سماع النغمتين على حدة دون إدراك الدماغ لأي منهما، والتأثير عليه.ِ
في هذا الصدد، تفتح «النبأ الوطني» ملف «المخدرات الرقمية» خاصة أن هذه المخدرات تستهدف العقل الباطني، وتتطلب قدرا من التركيز، حيث أن زيادة التركيز يؤدي إلى فعالية أكثر لهذه الموسيقى، بسبب تنوع هذه الموسيقى، فإن تأثيرها يختلف، فهناك موسيقى تساعد الشخص على الاسترخاء، وأخرى تحرره من الألم.
مؤشر إدمان المخدرات الرقمية
وتحظى فيديوهات «موسيقى الهلوسة» على «يوتيوب» بمشاهدات عالية، إذ أن هناك العديد من المقاطع التي تُحقق أرقامًا مخيفة من المشاهدات منها على سبيل المثال مقطع فيديو يحقق 145 ألف مشاهدة، ومقطع آخر بعنوان مخدرات رقمية عالية الجودة يحقق 80 ألف مشاهدة مصاحبًا بتعليقات لمدمنين من مختلف الجنسيات العربية.
وتحمل أرقام المشاهدات التي تحققها هذه الفيديوهات مؤشرًا خطيرًا على انجراف الشباب والمراهقين لهذا الصنف الموسيقي الرائج الذي يؤثر نفسيًا على سلوك الأفراد وصحة المجتمعات، ونرصد منها بعض التعليقات مثلا: شخص يقول: «حسيت رأسي وصدري ينفجران»، فيما يقول آخر: «استمعت لهذه الأغنية.. نمت على الأغنية.. وشاهدت حلما وكأنني كلمت الجن»، وثالث يقول: «حماسية كثيرة أدخلتني إلى البعد الخامس»، وآخر يروج لها بالقول: «ضيفوني على انستغرام ورح تشوفو مخدرات على أصولها»!.
ويرى الخبراء والمتخصصون أن «المخدرات الرقمية» آفة خطيرة تتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى الأسرة، ومن بعدها المدرسة، وينبغي على الجهات المعنية، والإعلام التوعية بخطرها وتأثيرها بكونها فخا جديدا للإدمان من بوابة المحتوى الرقمي.
من ناحيته، يقول اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام الأسبق، إن المخدرات الرقمية آفة جديدة تهدد الشباب مع انتشارها عالميًا، مؤكدًا أنه لم يعد تعاطى المخدرات قاصرًا على ما كان يجرى سابقًا بحقنها فى الوريد أو بمضغها أو شمها أو تدخينها وإنما تطور الفكر الشرير ليحول نظم التعاطى إلى تعاطى رقمى أو صوتى بملف صوتى بذبذبات مختلفة بوحدات قياس الصوت (ألفا - وبيتا - ثيتا - دلتا) مدته ثلاثون دقيقة، وكان المقصد هو العلاج النفسى من الاكتئاب والقلق، ويحدث التأثير نفسه الذى تحدثه المخدرات الطبيعية، أو التخليقية الأخرى، وتنقل متعاطيها إلى اللاوعى، وتهدده بفقدان التوازن الجسدى والنفسى.
تاريخ ظهور المخدرات الرقمية
وأشار مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام الأسبق، إلى أن العالم الغربى تنبه إلى مخاطر هذه المخدرات منذ سنوات، إلا أنه أخفق فى وضع تشريعات تقف أمام انتشارها، حيث بدأت فى القرن الثامن عشر، وعرفت فى سبعينات القرن الماضى بعد أن تطرق لها عالم الفيزياء هينرك دوف وتتمثل فكرتها فى وضع سماعات أذنين واحدة يمين والأخرى يسار بحيث تكون نغمات الأذن اليمنى أعلى من الأذن اليسرى، وتحاول الدماغ المزج بين الاثنين ليحدث مستوى واحد للأذنين مما يتسبب فى جعل الدماغ غير مستقرة على مستوى الإشارات الكهربائية العصبية التى يرسلها.
ويكمل: «البداية كانت عام 1839 حيث تم استخدامها اعتبارًا من عام 1970 من خلال معرفة نتائج تعاطى المخدرات التقليدية، وتفاعلاتها داخل الدماغ، فابتكر طريقة جديدة وهى المخدرات الرقمية لكى يصل إلى تحريك التفاعلات الكيميائية التى تحركها المخدرات دون التعاطى من تحضير المادة المخدرة وتناولها، سواء كانت تعاطى بالحقن أو الاستنشاق أو البلع فأصبح الخطر الناتج من التعاطى مضاعفًا وخطيرًا جدًا».
أنواع المخدرات الرقمية وتأثيرها
وذكر «الشرقاوي» أنه يتوقف على نوع المخدر الذى ترغب فيه طبقا للتصنيف المعروف فى أنواع المخدرات الطبيعية أو التخلقية، مشيرًا إلى أن الآراء اختلفت فى تأثير المخدرات الرقمية طبقًا لرؤية المتعاطى، فمنهم من قرر بأنها ليس لها تأثير كالمخدرات المعروفة وتسبب آلام فى الرأس والظهر فقط، ومنهم من قرر أن تأثيرها كالمخدرات التقليدية تمامًا فربما يقوم الإنسان بالصراخ والهلوسة أو تشنجات لا إرادية فى العضلات.
ولفت مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام الأسبق، إلى الشعور الزائف للمخدرات الرقمية منها: (الاسترخاء، تخفيف التوتر، تعزيز الأداء الجنسى، الشعور بالثقة، تحسين المزاج، اكتساب قوى خارج الحواس، محاكاة تأثيرات النشوة).
ويرى أن علاج الإدمان لكافة أنواع المخدرات التقليدية مثل (الكوكايين - الهيروين- الحشيش - الشابو… إلخ) سهل ويسير، فكل نوع منها إما يؤدى إلى الهلوسة أو إلى الاسترخاء - التركيز - التشنجات)، أما علاج الإدمان من أنواع المخدرات الرقمية فتعد أصعب منها إلى حد ما، فهناك مواقع على الإنترنت تبيع تلك النغمات وهى تشمل تردد بين 1000 و1500 هيرتز، مؤكدًا أن أفضل طريق لعلاج الإدمان فى المخدرات الرقمية هو السلوك المعرفى لسلبيات تناول هذا النوع من المخدرات بمعرفة الطبيب المتخصص لعلاج الإدمان.
طقوس تناول المخدرات الرقمية
واستطرد قائلًا: «هناك طقوس تناول المخدرات الرقمية فعند بدء جلسة المخدرات الرقمية لا بد من شرب المياه وأن يكون المدمن معصوب العينين ويرتدى ملابس فضفاضة وضوء خافت، فهذا النوع غير منتشر في مصر ولم يتم رصد أى حالات منه، لكنه منتشر فى المجتمعات الغربية، وبدأ فى الدول العربية عام 2012 فى لبنان والسعودية ومن ثم انتشر في باقي الدول».
محاذير المخدرات الرقمية وأعراضها
ويقول مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام الأسبق، والخبير الأمني، إن المخدرات الرقمية ممنوع الاستماع لها أثناء القيادة، وتسبب أرق وكوابيس، ونوبات قلق، ومضاعفات لمرضى القلب، وصداع متكرر، وتفاقم نوبات الصرع، ولكن لم يثبت أن تسبب المخدرات الرقمية انتشاء.
ونصح «الشرقاوي» الآباء لوقاية أبنائهم من خطر إدمان المخدرات الرقمية بأن يقوموا بمراقبة المواد الصوتية التى يستمع لها الأبناء، فضلًا عن توعية أبنائهم بخطورة هذا النوع من المواد المخدرة، وحثهم على ممارسة الرياضة فى وقت الفراغ، والتواصل الدائم مع الأبناء، وعدم استخدام أسلوب العنف والتهديد، وتنمية الثقة لدى الأبناء فى أنفسهم.
نهاية المخدرات الرقمية
ونوه مساعد وزير الداخلية، إلى أن الشخص المدمن يرغب فى العيش فى الخيال أو العالم الافتراضى ويرفض الواقع، حالة إحدى الألعاب الافتراضية فى بلجيكا عام 2007، حيث قام اللاعب الافتراضي باغتصاب اللاعبة الافتراضية والتى تقدمت ببلاغ ضده للاعتداء عليها فى اللعبة الافتراضية لتأثرها نفسيًا نتيجة هذا التعدى.
ويكمل: «شراء مارك صاحب فيسبوك للتطبيق، ووضع برامج التعامل أونلاين فى كافة المجالات، ومن بينها الواقع الافتراضي لكل موضوع ترغب فى تنفيذه قبل الشروع فيه، وكانت النتائج صادمة إذ تعرضت 49% من السيدات فى التجارب للتحرش، كما تعرض 36% من الرجال للتحرش».
وأشار مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام السابق، إلى أنه من خلال تطبيقات العالم الافتراضى يمكن لأى شاب أن يكون مع ابنتك فى غرفة نومها، وهو الأمر الذي أدى لقيام المشرع المصرى بمعاقبة المتحرش الذى يقع من خلال مواقع التواصل الاجتماعى رغم عدم وجود الحالة أمامه، ولكن افتراضيا فالضحية تأثرت».
خرافات
من جانبه، يرى الموسيقار هاني مهنى، أن المخدارات الرقمية عبارة «خرافات»، لأن الموسيقى لها علاقة بتحريك الجسد وليس لها لها علاقة بالمخ إطلاقًا، مؤكدًا أن الموسيقى تعمل على تهذيب الذوق وتدعم الوجدان للإنسان، لكن غير ذلك كله «خرافات»، إذا أنه لا يوجد موسيقى يتم تشكيلها على أنها تعطي الحالة المزاجية مثلها مثل المخدرات، هذا مستحيل، وهذا الأمر لا يوجد على الإطلاق.
وأوضح «مهنى» خلال حديثه لـ«النبأ» أن الموسيقى العشوائية أو الصاخبة هي التي تعمل حالة عدم اتزان للإنسان، مثل «الزار» الذي يخلق حالة تجعل الشخص «يتطوح» يمينًا ويسارًا، ويخرج عن السياق المعهود، وهذه الحالة استثنائية، مضيفًا أن هناك بعض الموسيقات الآخرى مثل: «الراب والتيكنو» فهذه الموسيقات تحرك الجسد فقط وليس المخ إطلاقًا.
موجودة بشكل محدود
وعارضه في الرأي، الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، قائلًا: إن المخدرات الرقمية ليست خرافات، وهي موجودة بالفعل في مصر، لكن بشكل «محدود - قليل نسبيًا»، إذن تُعرف أيضًا باسم «المخدرات ديجتال»، وهي عبارة عن نوع من الموسيقى، هذا النوع له سماعات معينة، تصل بالأذن، في فارق توقيت بين الأذنين من 2 إلى 3 ثانية، مؤكدًا أنها تعتمد على هذا التقنية، خاصة أن هذا النوع من الموسيقى يصل الأذن اليمنى قبل اليسرى بفارق توقيت من 2 إلى 3 ثانية، فهذا الفارق الزمني بين الإثنين ينتج حالة «عدم اتزان للخلايا العصبية».
وأضاف استشاري الطب النفسي خلال حديثه لـ«النبأ»، أن عدم الاتزان للخلايا العصبية قد يؤدي إلى تهيج القشرة المخية، وبالتالي يحصل للشخص مدمن المخدرات الرقمية؛ نوع من أنواع فقدان الوعي للحظات، موضحًا أن هذا النوع من المخدرات تفتعل للشخص «نوبة صرع» وتعطي له إحساس بالبهجة من خلال فقدانه للوعي نتيجة سماعه لهذه الموسيقى، إذ أن انبساط الشخص المدمن للمخدرات الرقمية يرجع لشخصيته المضطربة، والتي تأخذه إلى فقدانه للوعي.
ويكمل: «المدمن لهذه المخدرات يستغل تواجده في البيت ليختلي بنفسه، ويستمع لهذه المسيقى لكي يفقد الوعي، فهذه المواد الموسيقية لها مواقع مختلفة على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، فيقوم الشخص بالاشتراك على هذه المواقع، ليتجرع منها ما «يظبط مزاجه»، ففي المرة الأولى يستمع لهذه الموسيقي مجانًا لفترة زمنية قصيرة جدًا، وتكون «محددة» لا تتخطى نص دقيقة، دون مقابل مادي، ثم بعد ذلك إذا احتاج هذا الشخص للاستماع لهذه الموسيقى، فعليه بالاشتراك على الموقع حتى يستمع لها وذلك بمقابل مادي.
اضطراب في الشخصية
وأوضح «فرويز» أن الشخص الذي يستمع لهذه الموسيقى، هو الإنسان المصاب بـ«اضطرابات في الشخصية»، لأن أي موسيقى يستمع لها الإنسان ويكون حاببها؛ تقوم بتكسر حاجة في المخ تسمى «البيبتايز»، هي عبارة عن «بروتين» المخ، وعند كسر هذا البروتين، يتم رفع «الدوبامين والسيروتونين» في المخ، فهذا الأمر يعطي شعورًا بالسعادة لهذا الشخص، إذ أن القائمين على نشر هذه الموسيقى يعتمدون على هذه التقنية وذلك لخلق حالة من السعادة والبهجة عند المستمع.
ولفت إلى أن كل الحالات من هذا النوع من المدمنين لـ«المخدرات ديجيتال»، يصابون بـ«نوبة صرع»، مؤكدًا أنه عندما يحضر الآباء أبنائهم المرضى لعرضهم على الأطباء المتخصصين في الطب النفسي، ويخبرونهم بأن الابن حصل له «نوبة صرع»، لكن عند جلوس الطبيب مع المريض منفردًا ويطلب الأخير من الولد أن يحكي له عن ما حدث معه، ويبدأ يسأل الطبيب المريض عن ما إذا كان يتناول مواد مخدرة تقليدية أم غير تقليدية من عدمه، وغيرها من الأسئلة، ليكتشف الطبيب من خلال إجابة المريض بأنه تعرض لهذه الحالة لأنه يستمع لهذا النوع من الموسيقى، المعروفة بالمخدرات ديجيتال.
وذكر استشاري الطب النفسي، أن المريض أخبره بأن أهله دخلوا عليه الغرفة فوجدوه ملقى على الأرض، فاقدًا للوعي نتيجة استماعه لهذه الموسيقى، متابعًا: أنه من الملاحظ أن هذه الحالات المصابة بنوبة صرع نتيجة استماعهم لهذا النوع من الموسيقى تجد المريض بعد فقدانه الوعي مصابًا - أي - أن المرض (عور نفسه) وهو فاقد الوعي، أو يكون (عاضض على لسانه)،
المواجهة
وأكد «فرويز» أنه يوجد مدمنين للمخدرات الرقمية المعروفة بـ«المخدرات ديجيتال» في مصر، لكنهم أعداد «قليلة»، مضيفًا أن يجب مواجهة هذا النوع من المخدرات وانتشاره وذلك عن طريق «التوعية»، ونشر الوعي بين جميع فئات المجتمع.
أولًا يجب على الأهل أن يعرفون أن قيام الولد بالدخول لغرفته، أو البنت بالدخول لغرفتها، وإغلاق الباب على أنفسهما، هذا ليس معناه أنهما في السليم، خاصة أن هناك بعض الأهالي يعتبرون أنه ما دام الولد أو البنت داخل غرفتهما فهما في «أمان»، وهذا أمر خاطئ، يجب تدارك هذا الأمر جيدًا من قِبل الأسرة.
وثانيًا: يجب على الأهل أن يتواصلوا مع أبنائهم، وإشراكهم في الحياة، خاصة توجيههم في حالة قيام البناء بفعل «غلط»، قام به سواء الولد أو البنت، فهنا دور الأسرة يبرز في توجيه أبنائها، ومراعاتهم مراعاة جيدة، وتوعيتهم وذلك لعدم انحراف عن السلوك السليم، القويم، فإن الطفل منذ سن 4 سنوات إلى 12 سنة يجب أن يتعلم شيئًا مهمًا وهو أنه يوجد سقفًا للخير، وآخر للشر.
ويكمل: «كما يجب على الأسرة توعية أبنائهم بما هو الشيء الذي يفعلونه، وما هو الشيء الذي لا يفعلونه، ومتى يفعلونه، ولماذا يفعلونه، فضلًا عن أنه عندما يسأل الأبناء الأب أو الأم، فيجب عليهم أن يتقبلون أسئلة أبنائهم، ويجاوبونهم، ويعرفونهم ما هو الصح من الغلط، إضافة إلى أنه يجب على الأسرة أن لا تشعر أبنائهم أنهم مستاؤن من أسئلتهم، وذلك لأن عدم السماع للأبناء أو البنات بالأسئلة، وعدم الإنصات لهم عند أسئلتهم، قد يؤدي هذا الأمر إلى انحراف سلوكهم، والبحث عن صديق يستمع لهم ويستمعون له، والانجراف وراء صديق سوء للاستماع له، ومن ثم يجره إلى طريق الغلط، وفي النهاية هذا يكون بسبب عدم استماع الأهل لأبنائهم».
التقليد الأعمى
من ناحيتها، نوهت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إلى توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي ومطالباته المستمرة واهتمامه بنشر التوعية في المجتمع، وترى أن الفن له دور كبير في نشر التوعية بالمجتمع، ونشر الثقافة الراقية بين جميع أطيافة، لا سيما أن نشر الوعي يستهدف عمل خطة داخل الدولة تستطيع من خلالها أن تعظم أدوار جميع المؤسسسات بدء من المدرسة والجامعة ومرورًا بالمؤسسة الثقافية، والدينية والتعليمية والإعلام، وتتكاتف كل هذه المؤسسات حتى تخلق جوًا ثقافيًا يحافظ على المجتمع من الانحراف.
وأوضحت أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن مواقع التواصل الاجتماعي يستخدمها أكثر من 60% من الشباب، الذين يجب توعيتهم بكيفية الاستخدام الأمثل لها، نظرًا لما تتضمنه تلك المواقع من مضامين لا تتوافق مع ثقافة المجتمع، مؤكدة أن نسبة كبيرة من الشباب لا يدركون كيفية الاستخدام الأمثل لمثل هذه التطبيقات، بالإضافة إلى عدم معرفة كل فرد لحدوده.
وأشارت إلى أن الشباب معروفون بالتقليد الأعمى، فإذا كان ما يتعرضون له بمواقع التواصل الاجتماعي إيجابي فإنهم يقتدون به، وإذا كان المضمون سلبي فيسيرون خلفه بدافع الفضول؛ الأمر الذي نتج عنه انتشار الانحلال الأخلاقي بشكل كبير، منوهًة إلى ضرورة توعية الشباب بالتعقل وتجنب التقليد الأعمى، إلى جانب تقديم القدوة الطيبة، وزيادة المحتويات الدينية بمواقع التواصل الاجتماعي.