رئيس التحرير
خالد مهران

تحاليل الـ«DNA» تكشف كوارث فى قضايا إثبات النسب والطعن فى العرض والشرف

تحليل الـDNA واختلاط
تحليل الـDNA واختلاط الأنساب نتيجة عمليات الحقن المجهرى

أصبحت وقائع اختلاط الأنساب الناتجة عن الحقن المجهري، وما يترتب عليها من تكدس وتزاحم لقضايا إثبات النسب والطعن في الأعراض والشرف بالمحاكم؛ تمثل «كارثة كُبرى» وبمثابة «قنبلة موقوتة» تكاد تنفجر في وجه المجتمع؛ لما تمثله من تهديد خطير لكيان واستقرار الأسرة المصرية، وكل ذلك دون نص عقابي يجرم المتسبب فيها.

وتكتظ المحاكم المصرية بالعديد من قضايا إثبات النسب والطعن في الأعراض والشرف، والتي حوّلت المحاكم إلى ساحات حرب بين الزوجين، وتستعرض «النبأ الوطني» في هذا الصدد العديد من الوقائع المشابهة.

الشك فى نسب الأطفال يحول محاكم الأسرة إلى ساحات حرب بين الزوجين

وتُعد واقعة غياب طفل واكتشاف أجهزة الأمن لغز غيابه بعد مرور ثلاثة أيام خير دليل على كارثة وقائع اختلاط الأنساب وقضايا الطعن في العرض والشرف، والتي من شأنها تُهدد كيان واستقرار الأسرة، حيث تبين أن الطفل المشار إليه؛ سقط في بالوعة الصرف الصحي القريبة من مسكنه، وأن الفترة التي قطعها الطفل داخل البئر جعلت ملامح وجهه تتغير نسبيًا، وهو الأمر الذي دفع جهات التحقيق لطلب تحليل الـDNA للطفل ومطابقته بوالديه، فكانت المفاجأة أن التحليل تطابق مع الأم؛ ولم يتطابق مع الأب.. فما القصة؟!

قصة براءة سيدة متهمة بالزنا رغم عدم تطابق عينة طفلها مع الأب

كما أن نتيجة تحليل الـDNA التي كشف عنها الطب الشرعي كانت بمثابة الصاعقة التي سقطت على رأس الزوج؛ حيث سارع إلى المحكمة ورفع دعوى قضائية، يتهم فيها زوجته بـ«الزنا»، لكن الزوجة وقفت أمام القاضي؛ وحلفت اليمين؛ ثم أقرت بأنها لم يمسسها بشر سوى زوجها، فسألها القاضي كيف.. وهذا الطفل المتوفى ليس من صلب زوجك؟ً!؛ فأقرت الزوجة أنها اتفقت مع زوجها على إجراء عملية حقن مجهري.

وتكمل أمام القاضي: «توجهت برفقة زوجي إلى أحد المراكز التي تقوم بإجراء عمليات (الحقن المجهري)، وأجريت عملية التلقيح»، وتبين فيما بعد أن العينة التي تلقتها الزوجة ليست لزوجها، وهو ما أدى لمطابقة تحليل الـDNA الخاص بالزوجة مع الطفل؛ ولم تتطابق عينة زوجها مع الطفل.

واقعة غياب الطفل «دليل كارثى» على تكرار وقائع اختلاط الأنساب وقضايا الطعن فى العرض والشرف

السطور السابقة تقودنا إلى كوارث خطيرة يكشفها تحليل البصمة الوراثية أو المعروف بـ«DNA»، ففي مثل هذه الوقائع لا يعترف الأب بنسب الطفل، وغالبًا ما يحدث فيها طلاق بين الزوجين، والأطفال في هذه الحالة؛ يُعدون أطفال «زنا»، ولا يُنسبون للأب، وإنما للزوجة فقط، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول كيف يُنسب الطفل للأم؟!، وما هو الوضع القانوني للطفل الناتج عن خطأ في العينة أثناء عمليات «التلقيح» في المراكز المتخصصة، خاصة في حالة رفض الزوج نسب الطفل لنفسه وكتابته باسمه؟! وكذلك ما حكم الشرع في مسألة اختلاط الأنساب غير المتعمد؟! وهو ما يجيب عنه علماء الدين وخبراء في القانون.

وتكشف الإحصائيات الرسمية، أن هناك نحو 12 ألف قضية إنكار نسب مقامة أمام محاكم الأسرة في مصر، وهي التي تحيل تلك القضايا عادة لمصلحة الطب الشرعي لإجراء تحليل الـDNA (إثبات النسب) لبيان صحة نسب هؤلاء الأطفال لآبائهم أو عدمها، لكن هناك قاعدة شرعية تقولإأن «الولد للفراش»، أي أن نسب الأولاد يبقى للأب وإذا ثبت تورط الأم في «الزنا» يتم حبسها.

إحصائية:

12ألف دعوى إنكار نسب تتراوح مدة الزواج فيها من سنة إلى 18 عامًا و53% من تلك الدعاوى أقيمت خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج.

وطبقا لآخر إحصائية كشفت عنها محاكم الأسرة، فإن دعاوى إنكار النسب الموجود بالمحاكم تتراوح مدة الزواج منها من سنة إلى 18 عامًا، وأن 53% من تلك الدعاوى أقيمت خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج، أما النسبة الباقية فكانت الدعاوى رفعت بعد أكثر من 10 سنوات وحتى 18 عاما زواجا.

هالة صدقى و«زينة وعز» و«الفيشاوى» أبرز قضايا النزاع على إثبات النسب

ومن أبرز قضايا النزاع على إثبات النسب والتي أثارت الرأي العام خلال الفترة الماضية هو ما حدث بين الفنانة هالة صدقي وزوجها سامح سامى، وأيضًا الفنانة زينة والفنان أحمد عز، والفنان أحمد الفيشاوي وهند الحناوي، والصحفية سماح إبراهيم والفنان التشكيلي عادل السيوي، ومحاولة نسب الطفلة «ديالا» له، لكن محكمة الأسرة أنهت الدعوى بنسب الطفلة للفنان لتصبح «ديالا عادل السيوى».

دعوى أمام المحكمة: مهندس يرفض نسب ابنه لسبب «صادم» والمحكمة ترفضها

وفي دعوى قضائية بمحكمة الأسرة أقامها مهندس يطالب فيها بنفي نسب ابنه، بعد مرور 12 عامًا على ولادته، لكن المحكمة رفضت الدعوى، كما رفضت المحكمة الدعوى المقامة من سباك والذي يطالب فيها بنفي نسب ابنه بعد مرور خمسة سنوات على ولادته، بينما تُعد الدعوى المقامة من مهندس بشأن رفض نسب ابنه البالغ من العمر 17 عامًا، من أغرب الدعاوى بمحكمة الأسرة وذلك لأن الزوج رفع الدعوى لسبب صادم، وذلك بقصد التهرب من النفقة لكن المحكمة رفضتها.

«دعوى زنا» تكشف خيانة «تغريد» لزوجها على مدار 11 عامًا وإنجابها 3 أطفال خارج فراش الزوجية

ومن القضايا الشهيرة هي تلك التي فجرها محمد هادي وزوجته تغريد بمحافظة القليوبية، والذي اتهم فيها الأول الثانية بأنها خانته على مدى 11 عامًا، وأنجبت منه ثلاثة أطفال خارج فراش الزوجية، وأجرى فحصا للبصمة الوراثية (DNA) بيّن أن الأطفال الثلاثة المنسوبين إليه لا يمتون إليه بصلة.

وكانت البداية عندما تقدم محمد هادي ببلاغ إلى قسم شرطة ثان شبرا الخيمة، يتهم فيه زوجته «تغريد»، بخيانته خلال فترة سفره للخارج في إحدى الدول العربية للعمل بها، واكتشافه أن أبناءه الثلاثة ليسوا من صلبه، بعد أن وردت له معلومات بسوء سلوك زوجته، وأن الأبناء ليسوا أبناءه، ما دفعه لإجراء تحليل البصمة الوراثية «DNA» في أحد المعامل الخاصة، لتظهر نتيجة التحليل بعدم تطابق البصمة الوراثية مع الأطفال، وبناء عليه أجرى محضرا بالواقعة واتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الزوجة وعشيقها.

وبناء على تحريات المباحث، وتحقيقات النيابة، تمت إحالة الزوجة المتهمة لمحكمة جنح قليوب، التي أرسلتها للطب الشرعي برفقة الأطفال الثلاثة، إضافة إلى الزوج الضحية، لأخذ عينة أخرى بناء على حافظة المستندات التي قدمت لها تقرير المعمل الخاص، للتأكد من صحة البصمة الوراثية، حيث صدر تقرير الطب الشرعي، والذي أيد وأكد على عدم تطابق البصمة الوراثية للأطفال مع الزوج المجني عليه، لتصدر المحكمة حكمها على الزوجة الخائنة وعشيقها بالحبس مدة 3 سنوات.

ورفضت محكمة الأسرة طلب محمد هادي إلغاء نسب أولاده إليه، وهو الطلب الذي أرفقه بقرار المحكمة التي قضت بواقعة الزنا، وتحاليل فحص الحمض النووي، وقالت المحكمة في نص رفضها إنها اعتمدت على القاعدة الفقهية التي تنص على أن «الطفل للفراش».

أحمد كريمة: تحليل الـ«DNA» قرينة فى القضايا وليس دليلًا شرعيًا

وفي ضوء ما سبق جاء حديث الشيخ أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، ليؤكد أن تحليل الـ«DNA» يعد قرينة من القرائن في القضايا، كما يعمل بالقاعدة الشرعية بأن «الطفل للفراش» وهي تعني أنه إذا تم التشكيك في نسب طفل، فإن الطفل ينسب لزوج المرأة «صاحب الفراش الشرعي لها».

الشيخ أحمد كريمة

ويشير أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، في تصريحات خاصة لـ«النبأ» إلى أن الحقن المجهري لتيسير الحمل، وأنه لا بأس به ولكن بضوابط، وتوخي الدقة فيه بالمعامل، متابعًا: «أن في حالة خطأ المعمل يضعنا أمام معضلة، خاصة أن الأصل في النسب العلاقة الزوجية التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم أن (الطفل للفراش)».

ويكمل: «البصمة الوراثية لا ننكرها، ونأخذها قرينة؛ وليس دليلًا شرعيًا، وقضية الزوج الذي تسرع في رفع دعوى قضائية ضد زوجته يتهمها بالزنا، خير دليل على هذا الكلام، لأنه في النهاية تبين حدوث خطأ في العينة من المعمل بمركز التلقيح الذي تم إجراء عملية الحقن المجهري لزوجته فيه، حيث أنه تسرع في اتهام زوجته بالزنا وتلويث عرضها وسمعتها وشرفها وعائلتها وهو ما ثبت عكسه بالمحكمة خلال التحقيقات».

ويضيف أن الفقه الحنفي يؤكد قاعدة أنه «يحتاط في النسب ما لا يحتاط في غيره»، متابعًا: «نعول في إثبات النسب على العلاقة الزوجية أن الطفل للفراش أما البصمة الوراثية فهي مجرد قرينة بضوابطها توخي الدقة في المعمل».

من ناحيته، يرى الخبير الأمني اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية بقطاع الأمن العام سابقًا، أن الجميع في قضايا إثبات النسب والطعن في الأعراض والشرف، خاسر وعلى رأسهم الأطفال الذين لا ذنب لهم ولا جريرة، وهذه القضايا عادة ما تكون نتيجة شهوة بين شاب وفتاة، أو رجل متزوج يرغب في الزواج من ثانية على سبيل «الفرفشة» وينتج عنها طفل يلفظه الأب ويرفض نسبه لنفسه حيث تمتلئ المحاكم بهذه القضايا، ويتم طلب جهات التحقيق تحليل البصمة الوراثية لبيان مطابقة عينة مع الأب والأم من عدمه.

اللواء رأفت الشرقاوي الخبير الأمني

ويشير مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام السابق، إلى أن المادة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن إصدار تنظيم أوضاع وإجراءات التقاضي فى مسائل الأحوال الشخصية، تنص على أنه لا تقبل الدعاوى الناشئة من عقد الزواج إذا كان سن الزوجة أقل من 16 سنة، وإن كان سن الزوج أقل من 18 سنة، مضيفًا أن المادة 3 من القانون 10 لسنة 2004 تختص محاكم الأسرة دون غيرها بنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية.

وناشد «الشرقاوي» كافة المؤسسات الدينية والاجتماعية والإعلام والأندية ومراكز الشباب بتوعية المواطنين بأهمية اتباع الطريق المستقيم فى علاقات الزواج والطلاق وفقا للشرع والقانون لسد هذه المشاكل التي ينتج عنها أطفال مشوهى الهوية، والبعد عن الزواج العرفي وزواج القاصرات، مؤكدًا أن هذه الظواهر هي أساس النازعات المتداولة بالنيابات ومحاكم الأسرة، بخلاف الخزي والعار الذي يصيب الأطفال طوال العمر، وأسر الفتيات التي وقعن في هذا الذنب الكبير.

كارثة..

القانون لا يعاقب جريمة اختلاط الأنساب نتيجة عمليات الحقن المجهرى

تُعد وقائع اختلاط الأنساب الناتج عن خطأ في العينة أثناء إجراء عمليات الحقن المجهري بالمراكز المتخصصة، واحدة من «الجرائم الكبرى» التي يفلت المتسبب فيها من العقاب؛ خاصة مع وجود قاعدة شهيرة تقول: «لا عقوبة دون نص قانوني»، وهذه الجريمة لا يوجد بشأنها نص قانوني يعاقب المتسبب فيها.

إحصائية:

145 مركزا متخصصا في عمليات الحقن المجهري بمصر بخلاف المراكز غير المسجلة وغير الخاضعة للتراخيص.

ويأتي ذلك في ظل وصول عدد المراكز المتخصصة في عمليات الحقن المجهري في مصر إلى أكثر من 145 مركزًا متخصصًا، بخلاف المراكز غير المسجلة وغير الخاضعة للتراخيص، فضلًا عن أنه يتم إجراء أكثر من 600 عملية تلقيح سنويًا؛ حسب تصريحات سابقة للدكتور عبدالمجيد رمزي، المتخصص في النساء والتوليد، مؤسس ورئيس وحدة «تأخر الإنجاب» بمستشفى قصر العيني.

الدكتور عبدالمجيد رمزي، المتخصص في النساء والتوليد، مؤسس ورئيس وحدة «تأخر الإنجاب» بمستشفى قصر العيني

أخصائى طب شرعى: احتمالية الخطأ واردة فى تحليل DNA بسبب تلوث العينة أو تشابه بعض الصفات

كما كشف تصريحات الدكتور أيمن فودة أخصائي الطب الشرعى، عن أن احتمالية الخطأ وارد فى تحليل DNA؛ ولكن بنسبة قليلة للغاية، حيث تبلغ صحة النسبة إلى 98%  أما 2% الخطأ نتيجة تلوث العينة، أو حالة تشابه بعض الصفات.

ويضيف أخصائي الطب الشرعى، أن شرط عملية الاخصاب المساعد أن تكون لبويضة الزوجة من نطفة الزوج داخل أو خارج جسم الزوجة مع مراعاة المحاذير التى تتمثل فى أن تكون النطفة من الزوج حال قيام العلاقة الزوجية الشرعية بينهما، كما أنه لا يجوز نقل بويضات مخصبة لزرعها فى أرحام نساء غير الامهات.

وفي هذا الصدد، علقت المستشارة القانونية صابرين أحمد مصطفى المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، في شأن قضايا الأنساب والطعن في العرض والشرف، بأن هذه وقائع اختلاط أنساب دون عذر، وأحيانًا يكون الطبيب هو المتسبب أو المشارك في هذه الوقائع، وتكون في أحيان كثيرة السيدة غير متعمدة في ارتكاب واقعة «زنا» أو أن تُنسب طفلًا لغير أبيه.

مستشارة قانونية: هناك وقائع «زنا» بيّنة غير متعمدة نتيجة خطأ أثناء عمليات التلقيح

وأكدت أن هذا الأمر يمكن أن يأتي بالمصادفة؛ فضلًا عن أن هذه الحوادث تكررت كثيرًا مع عدة مواطنين في بعض المراكز المتخصصة في عمليات الحقن المجهري، حيث يتم أخذ أكثر من عينة وتختلط العينات ببعضها إما بقصد أو دون قصد، لذلك يحدث الاختلاط في الأنساب لكن عندما يكتشف الزوج هذا الأمر يتهم زوجته بـ«الزنا».

المستشارة القانونية صابرين أحمد مصطفى المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة

وأضافت المستشارة القانونية خلال حديثها لـ«النبأ الوطني»، أن في هذه مثل هذه القضايا يقوم الزوج في البداية برفع دعوى قضائية ضد زوجته يتهمها بـ«الزنا»، وبعد إجراء التحقيقات اللازمة في القضية، وبعد التأكد من أن ذلك ناتج عن خطأ في العينة بأن تم تبديلها إثناء إجراء الزوجة عملية التلقيح، بأحد المراكز المتخصصة في هذا الأمر ليتم تصالح الزوج في القضية، ومن ثم ينسب الطفل لنفسه منعًا لـ«الشوشرة».

وتستكمل: «هناك بعض الحالات تتفهم هذا الخطأ، وينسب الطفل لنفسه، بينما البعض الآخر يرفض نسب الطفل لنفسه، ويستند لأن الطفل ليس من صلبه بأن يقول: (أنا مش انسب لنفسي طفل مش ابني؛ ومش من صلبي.. ومش انسب لنفسي حد غير ابني اللي من صلبي)، لكن هذا (واقع كارثي) فهناك من يتفهم الأمر وهناك من لا يتفهم، وقد يصل في كثير من الأحيان إلى الطلاق، وانفصال الزوجين، بعيدا عن القضايا والمحاكم، فمنهم من يكتفي بالطلاق ومنهم من يتجه إلى المحاكم».

محامية: لا يجوز قانونًا محاسبة شخص على إحداث خطأ غير متعمد

وأشارت المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، إلى أنه يوجد حالات تتفهم هذا الخطأ، وينفي عن الزوجة الذنب بأن يقول: «هي ماليهاش ذنب»، وأن هذا الأمر تم دون علمها أو بجهل منها، خاصة أن الزوجين ذهبا إلى المركز المختص في هذا الشأن لإجراء عملية التلقيح وذلك بالاتفاق مع زوجها، لكن تبعات الخطأ على متعمد الخطأ قانونا، موضحة أنه لا يجوز محاسبة شخص على إحداث خطأ غير متعمد، فمن الناحية القانونية؛ يُحاسب الشخص على الخطأ حينما يكون متعمدًا إحداثه، ولكن هناك قاعدة تؤكد أنه لا عقوبة إلا بنص قانوني، أي لا يُعاقب الشخص على خطأ إلا إذا كان مجرمًا بالقانون، فإذا كانت الأم غير متعمدة في إحداث خطأ أو ارتكاب واقعة «زنا» أو أن تأخذ عينة لغير زوجها، أو أن تنسب لزوجها ابنًا ليس من صلبه، بأن يكون هذا الأمر حدث بالصدفة عن طريق الخطأ، فلا يتم معاقبتها.

وأكدت المستشارة القانونية، أنه لا يوجد نص قانوني يعاقب المتسببين في وقائع اختلاط الأنساب خلال عمليات الحقن المجهري، ويجب على المشرع أن يوقع الجزاء على القائمين على المراكز المتخصصة في إجراء هذه العمليات والذين تتسببوا في وقائع اختلاط الأنساب لأن هذا الأمر يُعد كارثة، وبمثابة «قنبلة موقوتة»، تكاد تنفجر في وجه المجتمع، حيث وضعوا جنينًا في رحم «أم» من الممكن أن يلفظه الأب ويرفض نسبه لنفسه، ولم يعتد به ابن له، فضلًا عن أنه يُعد في المجتمع «ابن زنا»، وهو الأمر الذي يتسبب في كوارث بين الزوجين، ويمثل جريمة تستوجب المعاقبة عليها قانونًا؛ لكنها «دون نص عقابي في القانون»، لأن التشريع يخلوا من تجريمها.

وذكرت المحامية بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، أنه يجب على المشرع أن يضع عقابًا رادعًا للمتسببين في حدوث وتكرار هذه الجريمة الكارثية؛ والتي من شأنها أن تُهدد استقرار الأسرة المصرية، أو إما أن تكون العينة محصنة من الاختلاط؛ وهذا الأمر يعول به الأطباء، ويكونون مسئولين عن تحصين العينات، حتى لا تختلط الأنساب، وتجنب حدوث كوارث في كيان الأسرة واستقرارها، لا سيما  أن هذا الأمر خطر يُهدد استقرار الأسرة في مصر.

واستطردت قائلة: واقعة الزنا في هذا الشأن بيّنة؛ لكنها ليست متعمدة في هذا الأمر، خاصة أن عمليات التلقيح تكون باتفاق الزوجين، وحيث إنهما توجها سويًا إلى المركز لإجراء العملية عن قناعة تامة منهما، ومن ثم حدث الخطأ في المركز، بأن وضعوا لها عينة مختلفة غير عينة زوجها، فيكون المركز هو مرتكب الخطأ، وهذا الأمر ينطبق عليه نفس معيار حمل «سفاح»، الناتج عن طريق اغتصاب أو علاقة غير شرعية، لكن الأول غير متعمد وبدون نص عقابي في القانون يعاقب المتسبب فيه؛ بينما الثاني جريمة يعاقب عليها القانون.

وتوضح المستشارة القانونية أن الزوجة في هذا الوضع؛ لا تعتد «زانية»، لأن هناك اتفاقا بين الزوجين على إجراء عملية «الحقن المجهري»، لكن يجب وضع قانون لمعاقبة المتسبب في اختلاط الأنساب في حالة تعمد المراكز المتخصصة في عمليات «التلقيح» بارتكاب خطأ من شأنه يتسبب في اختلاط الأنساب وحدوث كارثة بين الزوجين.

وردًا على سؤال حول ما هو الوضع القانوني للطفل الناتج عن خطأ في العينة أثناء عمليات «التلقيح»؟!، خاصة في حالة رفض الزوج نسب الطفل لنفسه وكتابته باسمه، تؤكد أنه من الممكن في حالة رفض الزوج كتابة الطفل باسمه، أن تكون «الأم» مخيرة بعمل «تقنين» فيما يخص الأحوال الشخصية عند رفض الأب تقييد الابن أو البنت باسمه، بأن يُنسب الطفل في هذه الحالة لـ«الأم» مباشرة، كما يحدث حاليًا في أمريكا والدول المتقدمة، بإبلاغها بالعائلة، بأن يسمى الطفل باسم له، ثم يلحقه بـ«لقب العائلة» -على اعتبار أنه وحيد- بشرط أن يكون لقب العائلة مرتبطا باسم الجد الخامس المدون في بطاقة «الأم»؛ حتى لا يتم وضع الطفل في إصلاحية، أو دور رعاية وذلك حماية لمستقبل الطفل.