اقتراح يضع الأسرة في مأزق بين الحلال والحرام..
دار الإفتاء المصرية تجيب عن حكم تأجيل الإنجاب والتأخر بسبب غلاء المعيشة؟
أثار اقتراح بشأن اشتراط تأجيل الإنجاب بعقد الزواج لمدة سنتين أو 3 سنوات جدلًا واسعًا خلال الساعات الماضية، وأدى هذا الاقتراح إلى تقديم بلاغ لجهات التحقيق وإنذار للمجلس القومي للمرأة ضد صاحبه، واتهامه بتحدي الشرع والسنن الكونية فضلا عن دعواته لتحريض فتيات مصر المقبلة على الزواج باشتراط تأجيل الإنجاب بعقد الزواج، وهو الأمر الذي اعتبره مقدم البلاغ تسهيلًا للطلاق بلا أطفال، وأن شرط التأجيل فاسدًا قد يبطل عقد الزواج، ويضع الأسرة المصرية في مأزق بين الحلال والحرام.
ويطرح هذا المقترح سؤلًا مهمًا حول: «ما حكم الشرع في تأجيل الإنجاب؟ً».. حيث حصلت «النبأ» على إجابة هذا السؤال المطروح، من صفحة دار الإفتاء المصرية، إضافة لعدة أسئلة أخرى منها: حكم اتفاق الزوجين على عم الإنجاب؟! وحكم الامتناع عن الإنجاب بسبب تقدم العمر؟!، وحكم تأخير الإنجاب بسبب غلاء المعيشة؟!، وحكم ربط المبايض لعدم الإنجاب مرة أخرى؟!، وهل الإكثار من الإنجاب باب للرزق؟!، وحكم الإنجاب عن طريق الحقن المجهري؟!.
وفي هذا الصدد، بدأ الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال بث مباشر عبر صفحة دار الإفتاء المصرية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بالإجابة على سؤال حول: ما حكم تأجيل الإنجاب لبعض الوقت لكون أن صاحب السؤال يقيم بدولة الأسعار بها مرتفعة ويصعب على شخص بمفرده أن يتحمل تكلفة العمل للإنفاق على الأسرة؟.. قائلًا: «إن هذا أمر بين الزوجين وحال اتفق الزوجان على تأجيل الإنجاب لا مانع ولا حرمة فيه».
وأضاف الشيخ محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية إلى أن دار الإفتاء أجابت على حكم تحديد النسل، قائلة: «إنه يجب أن نفرق في مسألة تحديد النسل بين حالتين: الأولى: أن يكون تحديد النسل خوفًا من عدم الرزق، وهذا لا يجوز؛ لأن الرزاق هو الله تعالى، ومن الذي يضمن إذا كان أولاده قليلين أن لا يموت ويتركهم أيتامًا.
ويكمل: «أما الثانية: أن يكون تحديد النسل بسبب مرض في الأم، فهذا يجوز بشروط: أن يشهد طبيب ثقة في دينه ماهر في تخصصه بأن الحمل والولادة يعرض الأم لخطر حقيقي لا يحتمل، أن تتخذ وسيلة لمنع الحمل لا تضر بصحة الأم؛ لأن الضرر لا يزال بمثله، أن يكون هذا قبل الحمل وليس بعده؛ لأن إسقاط الجنين لا يجوز».
حكم اتفاق الزوجين على عدم الإنجاب
قالت دار الإفتاء المصرية، إن إنجاب الأولاد مطلوبٌ فطريٌّ ومقصودٌ شرعيٌّ؛ لما يترتَّب عليه من تعمير الأرض والاستخلاف فيها.
وأضافت دار الإفتاء، فى الإجابة عن سؤال (ما حكم اتفاق الزوجين على عدم الإنجاب مطلقًا؟)، أن عدمُ الإنجابِ هو حقٌّ للزوجين معًا، ويجوز لهما الاتفاقُ عليه إذا كان في ذلك مصلحة تخصُّهما، ولا يجوز لأحدهما دون موافقة الآخر، وهذا الجواز على المستوى الفردي، أَمَّا على مستوى الأمة فلا يجوزُ المنْعُ المطلق من الإنجاب؛ لما فيه من الإخلال بنسبة التوازن التي أقام الله الخلق عليها، ولا يدخل فيها ما تقوم به الدول من إجراءات للعمل على تحديد النسل طلبًا للحياة الكريمة لشعوبها وفق الدراسات المفصحة عن إمكانيات هذه الدول؛ فتصرف ولي الأمر منوط بالمصلحة.
وأشارت إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغَّب بزواج الوَلُودِ من النساء؛ روى الإمام أبو داود في "سُننه" عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: جاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ قال: «لَا». ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فقال: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ».
حكم الامتناع عن الإنجاب بسبب تقدم العمر
من ناحيته، يقول مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، إن الله قال في كتابه العزيز {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)}.
وعلق المركز فى رده على سؤال: "هل امتناعي عن الإنجاب حرام بسبب تقدمي في العمر وخوفي من عدم استطاعتي تربيته مع العلم أنني لا بد من إجراء عملية طفل الأنابيب؟ أن المولي عز وجل جعل كل شيء بقدر، وقسم لكل إنسان نصيبه من هذه الحياة، والواجب علينا الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى في جميع الأحوال.
وأوضح، أن النبي حثنا على الحكمة من الزواج فعد بعد الإحصان من الوقوع في المعاصي هو التكاثر والإنجاب فقال، "تناكحوا تكاثروا، فإني أباهي بكم الأمم".
وتابع، أن الحكمة من الزواج هي الإنجاب، ولكن إن كان هناك سبب صحي يمنع من عدم الإنجاب، كأن يؤدي بحياة الأم أو مرضها مرضًا شديدًا وكان ذلك بشهادة الأطباء الثقات، ففي هذه الحالة لا مانع من عدم الإنجاب. وبصفة عامة فالواجب على المسلم أن يعلم أن الله عز وجل هو الرازق كما أنه يهب الولد يهب له رزقة فالمؤمن يعلم قول الله عز وجل قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) الأنعام. وقوله تعالى: "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) الإسراء.. فلا يجب عليك أخي الحبيب أن تقوم بالحقن المجهري.
حكم تأخير الإنجاب بسبب غلاء المعيشة
وورد سؤال إلى الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، مضمونة «ما حكم تأخير الإنجاب بسبب غلاء المعيشة؟»، حيث أجاب أنه يجوز تأخير الإنجاب بسبب غلاء المعيشة وما دام أن هناك توافقا بين الزوجين، ولا حرج فى ذلك.
وأشار أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية إلى أن المرأة إذا امتنعت عن الإنجاب بسبب غلاء المعيشة أو صحتها أو العمل لإعانة الزوج لا حرج عليها.
حكم ربط المبايض لعدم الإنجاب مرة أخرى
يقول الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن إجراء عمليةُ رَّبْط نِّهائي لرحم الزوجة، إذا كان يترتب عليها عدم الصلاحية للإنجاب مرة أخرى حرامٌ شرعًا إذا لم تدعُ الضرورة إلى ذلك.
وأضاف «شلبي» خلال إجابته على سؤال «هل عملية ربط المبايض حرام؟»، أن عملية ربط المبايض الدائم حرام لأن فيه لإفساد عضو أما الربط المؤقت يجوز، مشيرًا إلى أنه إذا منع الأطباء المرأة من الإنجاب مرة أخرى ولم يكن هناك أى وسيلة تمنع الحمل إلا الربط ففى هذه الحالة يجوز ربط المبايض.
هل الإكثار من الإنجاب باب للرزق؟
وورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول صاحبه: «هل ما توراثنا عليه من أن الطفل يأتى برزقه معه يعني إنجاب أى عدد من الأطفال؟»، حيث أجاب الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن الأمور لا تحسب بهذه الطريقة ولا تسير على هذا النحو؛ فالرزق يحتاج إلى الأخذ بالأسباب والتوكل على الله – سبحانه وتعالى.
وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن الأخذ بالأسباب من جملة التوكل على الله، والإنجاب يحملك مسؤوليةً الرعية التى ستأتي؛ فلا ينبغي ترك الأمر دون منطق وعلى إطلاقه.
وويكمل: فإذا أنجبت عددًا قليلًا واستطعت أن تعلمه جيدًا وتقدر على الإنفاق عليه كان أفضل وبركة من إنجاب عدد كبير وعدم القدرة على الاهتمام به وتحمل المسؤولية تجاه.
حكم الإنجاب عن طريق الحقن المجهري
من جانبه، أجاب الشيخ أحمد ممدوح، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال لقائه في بث مباشر عبر صفحة دار الإفتاء على موقع التواصل الإجتماعي «فيسبوك»، على سؤال حول: ما حكم الإنجاب بطريقة الحقن المجهري؟.. قائلًا: إن الإنجاب بطريقة الحقن المجهري جائزٌ شرعًا إذا ثبت قطعًا أن البويضةَ مِن الزوجة والحيوانَ المنوي مِن زوجها وأُعيدت البويضة مُلَقَّحةً إلى رحم تلك الزوجة دون استبدالٍ أو خلطٍ بمَنِيِّ إنسانٍ آخر، وكانت هناك ضرورةٌ طبيةٌ داعيةٌ إلى ذلك، وكذلك تحديد جِنس الجنين جائزٌ شرعًا، ما لم يُشَكِّل اختيارُ أحد الجِنسين ظاهرةً عامة.
وأشار أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية إلى أنه بالنسبة للإنجاب بوضع لقاح الزوج والزوجة خارج الرحم ثم إعادة نقله إلى رحم الزوجة؛ فإنه لا مانع منه شرعًا ومادام أن هناك ضرورةٌ طبيةٌ داعيةٌ إلى ذلك؛ كمرض بالزوجة أو الزوج يمنع ذلك، أو أن الزوجة لا تحمل إلَّا بهذه الوسيلة، وأن يتم ذلك على يدِ طبيبٍ حاذقٍ مؤتَمَنٍ في تعامله.